صرّح جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق في عهد الرئيس دونالد ترامب، أن الادعاء بأن فتح الله كولن خطط للانقلاب في تركيا عن بُعد هو جزء من دعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيرًا إلى أن ذلك كان جزءًا من جهوده لتعزيز سلطته الشخصية على البلاد.
تفاصيل تصريحات بولتون
في مقابلة مع الصحفي التركي المعروف إبراهيم هاسكول أوغلو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال بولتون إن المزاعم التي تربط فتح الله كولن، القائد الروحي لحركة الخدمة، بمحاولة الانقلاب كانت ضمن حملة دعائية يقودها أردوغان، حيث أوضح: “كانت محاولة الانقلاب جزءًا من سعي أردوغان للحصول على مزيد من السيطرة الشخصية في تركيا. طلبنا منه تقديم أدلة لدعم طلب تسليم كولن، لكن الأدلة التي أرسلها إلينا لم تكن كافية لإقناعنا.”
وشدد بولتون على أن الأدلة التي قدمتها الحكومة التركية لم تكن قوية بما يكفي لدعم الادعاء بأن كولن ارتكب أي جرائم تُبرر تسليمه، واصفًا الأدلة بأنها “غير مقنعة”.
موقف أردوغان من تسليم كولن
وأشار بولتون إلى أن أردوغان ناقش قضية تسليم كولن مع ترامب عدة مرات، وطلب المساعدة في هذا الملف، وعلّق قائلاً: “لقد قال لنا أردوغان: أرسلنا لكم الأدلة. وعندما استلمناها، وجدنا أنها نفس الأدلة التي قُدمت سابقًا. لم تكن كافية لتقديم دعوى قضائية ضد كولن بتهمة ارتكاب أي جريمة.”
انتقادات شخصية لأردوغان وترامب
تطرق بولتون خلال المقابلة أيضًا إلى شخصية كل من أردوغان وترامب قائلا: “أعتقد أن هناك خللًا في شخصية أردوغان، يشبه ذلك الذي نراه في ترامب”، على حد وصفه.
وأضاف بولتون أن أردوغان، كغيره من القادة السلطويين، كان يعرف كيفية التلاعب بترامب، موضحًا أن القادة الذين يتبعون هذا النهج كانوا يتملقونه للحصول على دعم لمصالحهم الخاصة.
قضية “هالك بنك“
وأكد بولتون أن أردوغان طلب من ترامب التدخل لإسقاط قضية “هالك بنك” التركي المتهم بخرق العقوبات الأمريكية على إيران، ثم استدرك قائلا: “ترامب وعد أردوغان بأنه سيفعل ذلك، لكنه لم يتمكن من تنفيذ الوعد”.
رؤية بولتون حول إستراتيجية أردوغان
وختم بولتون حديثه قائلاً: “أعتقد أن أردوغان كان لديه خطة واضحة للتأثير على ترامب واستخدامه لتحقيق أهداف تركيا في قضايا حساسة. مثل هذه الاستراتيجية تُظهر أنه كان على دراية بنقاط ضعف ترامب وكيفية استغلالها لصالحه.”
تأتي تصريحات بولتون في سياق جدل طويل حول مزاعم تورط فتح الله غولن في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو 2016. وتنفي حركة غولن هذه الاتهامات بشكل قاطع، مؤكدة أنها تتعرض لحملة قمع واسعة النطاق من قِبل الحكومة التركية.
تصنيف حركة الخدمة إرهابية
تمكن أردوغان من إعلان حركة الخدمة تنظيما إرهابيا عقب وقوع “الانقلاب الفاشل” في 2016، بعد محاولات سابقة فاشلة منذ الكشف عن فضائح الفساد والرشوة الكبيرة لأعضاء حكومته وأفراد عائلته في 2013، حيث اتهمها بالوقوف وراء هذا التحرك، وشرع في تضييق الخناق على كل من له صلة بها، في الداخل والخارج، مما أسفر عن مقتل عديد منهم، واعتقال عشرات الآلاف رجالا ونساء، واختطاف قسم منهم من خارج البلاد.
في حين نفت الحركة أي علاقة لها بمحاولة الانقلاب، ودعت أردوغان لتشكيل لجنة دولية لتقصي حقائق ما حدث في ليلة “الانقلاب الفاشل”، إلا أن الأخير لم يستجب لهذه الدعوة حتى اليوم.
راية مزيفة!
واعتبرت حركة كولن أحداث ليلة الانقلاب الفاشل من قبيل عمليات “الراية المزيفة” يقف وراءها أردوغان نفسه لينجح في وصم الحركة بالإرهابية بعد أن فشل في ذلك، وتصفية المعارضة، خصوصًا الجنرالات المعارضين لمشاريعه العسكرية في سوريا وعموم المنطقة.
يذكر أن مصطلح “الراية المزيفة” يُستخدم لوصف عمليات سرية تُنفذها جهة معينة بحيث يتم إخفاء الهوية الحقيقية للمنفذين وتوجيه التهمة لمجموعة أو دولة أخرى، بهدف خلق انطباع بأن الطرف الذي تم اتهامه زورًا هو من قام بالعمل، وذلك لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية أو استخباراتية. تُستخدم هذه الاستراتيجية في الغالب للتأثير على الرأي العام أو لتبرير أفعال وعمليات معينة لا يسمح لها الدستور والقوانين ولا يسوغها الجمهور في العادة.
ورغم عديد من الأحكام الصادرة من المحاكم الدولية، تستمر السلطات التركية في تنفيذ اعتقالات وملاحقات جماعية يوميا ضد المتعاطفين مع حركة كولن.