في تطور جديد يعكس تصاعد حدة التوترات داخل حزب الشعب الجمهوري التركي (CHP)، صعَّد الرئيس السابق للحزب كمال كليجدار أوغلو من لهجته، مدافعًا عن أحقيته بالعودة إلى رئاسة الحزب عبر حكم قضائي، موجهاً في الوقت نفسه انتقادات لاذعة إلى القيادة الحالية برئاسة أوزجور أوزيل.
خلفية الأزمة: انتخابات نوفمبر 2023 والطعن القضائي
تعود جذور الأزمة إلى المؤتمر العام للحزب الذي أُجري في نوفمبر 2023، وأسفر عن فوز أوزجور أوزيل بمنصب رئيس الحزب خلفًا لكليجدار أوغلو، غير أن نتائج المؤتمر تواجه خطر الإبطال بسبب دعوى قضائية مرفوعة أمام المحكمة المدنية الثالثة في أنقرة.
وفي حال قررت المحكمة، في جلستها المرتقبة في 30 يونيو، إلغاء نتائج المؤتمر بصورة مطلقة، فإن كليجدار أوغلو سيُعاد تلقائيًا إلى منصبه كرئيس شرعي للحزب، إلى حين انعقاد مؤتمر جديد.
كليجدار أوغلو: “لن أسمح بتعيين وصي على الحزب”
في مقابلة مع قناة TGRT Haber المعروفة بقربها من الحكومة، والتي دعا أوزيل إلى مقاطعتها، دافع كليجدار أوغلو بشدة عن احتمال عودته للقيادة، قائلاً: “إنهم يعبثون بالحمض النووي لحزب الشعب الجمهوري. لا يمكنني السماح بذلك!”.
وأضاف: “حتى لو عارضت قرار المحكمة، فلن يكون لذلك أي أثر قانوني. وإن لم أقبل العودة إلى زعامة الحزب، فسيُعيَّن وصي لإدارة الحزب. من سيقوده حينها؟”.
القيادة الحالية ترد: “لن نقبل برئيس غير منتخب”
رد أوزجور أوزيل بقوة، نافياً بشدة فرضية تعيين وصي، موضحًا أن لوائح الحزب لا تسمح بذلك، بل تنص فقط على تشكيل لجنة مؤقتة لتنظيم انتخابات خلال 40 يومًا في حال إلغاء النتائج.
ونقلت صحيفة جمهوريت عن أوزيل قوله: “لا يمكن لأي شخص لم يُنتخب في المؤتمر أن يقود الحزب. رؤساء الفروع في 81 ولاية ورؤساء البلديات جميعهم يعارضون هذا السيناريو. لا ينبغي أن نقع في فخ الحزب الحاكم”.
كما اتهم أوزيل أنصار كليجدار أوغلو بمحاولة تقويض شرعية المؤتمر وزعزعة استقرار الحزب في وقت يشهد فيه صعودًا شعبيًا واسعًا عقب فوزه في الانتخابات المحلية في مارس 2024.
الانتقادات تتصاعد ضد كليجدار أوغلو
ثارت المقابلة مع قناة TGRT موجة انتقادات داخلية ضد كليجدار أوغلو، بسبب إشادته بما وصفه بـ”الصحافة الموضوعية” للقناة، وهو ما اعتبره أعضاء الحزب خرقًا لموقف الحزب المبدئي ضد وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة.
أردوغان يتدخل ساخرًا: “في حزب الشعب، لا تنتهي المعارك”
من جانبه، لم يفوت الرئيس رجب طيب أردوغان الفرصة للتعليق، مستغلاً الأزمة للتهكم على خصومه قائلا: “كما أن الألعاب لا تنتهي في بيزنطة، فإن المعارك لا تنتهي في حزب الشعب الجمهوري”.
وأضاف ملوحًا باتهامات صادرة عن النيابة العامة في إسطنبول ضد بلديات يديرها الحزب، دون أن يقدم تفاصيل، قائلاً إنها “في حالة كارثية”.
يرى مراقبون أن أردوغان يريد عودة كليجدار أوغلو إلى زعامة المعارضة وحزب الشعب الجمهوري ليستغل هويته العلوية لخلق استقطاب بين الناخبين، لرص صفوف قاعدته “الإسلامية” بعد أن تشتتت بسبب الأزمة الاقتصادية على وجه الخصوص.
مآلات محتملة وتداعيات داخلية
إذا قررت المحكمة إلغاء مؤتمر 2023، فسيُعاد كليجدار أوغلو فعليًا إلى سدة الرئاسة، في خطوة وصفتها قيادة الحزب الحالية بأنها انقلاب على الديمقراطية الداخلية. وقد تعهد أتباع أوزيل بمقاومة هذا السيناريو، واعتبروه غير مقبول سياسيًا.
في المقابل، يحاول كليجدار أوغلو تصوير نفسه كمدافع عن “نقاء الحزب ووحدته”، نافياً أن تكون دوافعه انتقامية، ومؤكداً أن “الحزب يحتاج إلى السلام الداخلي، وليس الانقسام”.

