التقى قادة قبرص المتنازع عليها، يوم الإثنين، لمناقشة فتح المزيد من المعابر بين شطري الجزيرة المنقسمة، في إطار جهود بناء الثقة لإحياء محادثات السلام المتعثرة، وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية.
جاء اللقاء بين رئيس جمهورية قبرص اليونانية المعترف بها دوليًا، نيكوس خريستودوليديس، وزعيم القبارصة الأتراك، أرسين تتار، رئيس “جمهورية شمال قبرص التركية”، في المنطقة العازلة التي تفصل بين شطري الجزيرة منذ عقود.
وشهد الاجتماع وساطة الممثل الخاص للأمم المتحدة، كولين ستيوارت، وجاء بعد عشاء غير رسمي عُقد في 15 أكتوبر في نيويورك، بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
مقترحات لبناء الثقة
صرّح الرئيس خريستودوليديس بأنه قدّم حزمة من ثمانية مقترحات إلى تتار تهدف إلى تعزيز الثقة بين الطرفين، حيث قال للصحفيين: “أشرت إلى مقترحات تتعلق بفتح المعابر الجديدة بالإضافة إلى أفكار أخرى ناقشناها سابقًا في نيويورك.”
وأضاف أن المقترحات تشمل إنشاء “لجنة للحقيقة” من أجل تعزيز المصالحة، مؤكدا أن هذه الأفكار لاقت استحسان الأمين العام للأمم المتحدة، لكنها لم تلقَ استجابة إيجابية من جانب السيد تتار.
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة أن القادة اتفقوا على أن فتح المزيد من المعابر يمكن أن يسهم في تعزيز التواصل بين السكان، وتقوية الروابط الاقتصادية، وبناء الثقة، وتهيئة مناخ إيجابي لدفع محادثات السلام المتوقفة منذ سنوات.
الانقسام التاريخي للجزيرة
تعد قبرص واحدة من الجزر المتوسطية التي تشهد انقسامًا مستمرًا منذ عام 1974، بعد التدخل العسكري التركي الذي جاء ردًا على انقلاب مدعوم من اليونان. ومنذ ذلك الحين، انقسمت الجزيرة إلى شطرين: جمهورية قبرص (القبارصة اليونانيون)، العضو في الاتحاد الأوروبي والمعترف بها دوليًا، وجمهورية شمال قبرص التركية (القبارصة الأتراك)، التي تُغطي نحو ثلث الجزيرة ولا تعترف بها سوى تركيا.
وتنتشر القوات التركية على الأراضي القبرصية الشمالية منذ ذلك الوقت، بينما تفصل بين الجانبين منطقة عازلة تحت إدارة الأمم المتحدة تُعرف بـ”الخط الأخضر”، تمتد بطول 180 كيلومترًا.
الدعوات لفتح معابر جديدة
يوجد حاليًا تسعة معابر تعمل منذ عام 2003 على طول “الخط الأخضر”، تُستخدم يوميًا من قبل الآلاف للتنقل بين الجانبين بهدف العمل أو التعليم أو تلقي الرعاية الصحية. ومع ذلك، تزايدت المطالب بفتح معابر إضافية لتسهيل التنقل بين المناطق النائية وتقليل العوائق أمام التواصل بين السكان.
تجميد محادثات السلام
رغم المحاولات العديدة لإعادة توحيد الجزيرة تحت رعاية الأمم المتحدة، انهارت آخر جولة من المحادثات في عام 2017 ولم تُستأنف منذ ذلك الحين. يُنظر إلى فتح المزيد من المعابر كخطوة رمزية ومهمة قد تسهم في إعادة بناء الثقة، تمهيدًا لاستئناف الحوار بين الجانبين.
لا تزال قضية قبرص محورية في العلاقات الإقليمية، حيث يُنظر إلى المبادرات الحالية كاختبار لإرادة الأطراف في إيجاد حلول مستدامة، ومع ذلك، فإن الاستجابة المتباينة للمقترحات قد تُظهر حجم التحديات التي تواجه تحقيق أي تقدم ملموس في مسار المصالحة.