شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين لحظة مثيرة للجدل، حين انقطع صوت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال إلقائه كلمة تناول فيها الملف الفلسطيني وانتقد فيها السياسات الإسرائيلية.
الانقطاع المفاجئ للصوت حال دون وصول جزء من كلمته إلى القاعة وإلى المتابعين عبر البث المباشر. المترجم المرافق للجلسة علق بالقول: “لقد فقدنا صوت الرئيس، إنها عطل تقني، ولا أحد يستطيع سماعه.”
بين فرضية العطل والتخمينات السياسية
ما إن وقع العطل حتى غصّت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بتكهنات متباينة. فريق رأى أن الأمر لا يعدو كونه خللاً فنياً، بينما ذهب آخرون إلى ترجيح فرضية “التعمد”، معتبرين أن صوت أردوغان ربما قُطع بشكل مقصود، سواء عبر تدخل بشري أو بهجوم سيبراني. في المقابل، تحدثت بعض المصادر عن احتمال أن يكون السبب مرتبطاً بآلية ضبط الوقت المفروضة على الخطب داخل قاعة الأمم المتحدة.
الوكالة الرسمية التركية “الأناضول” نقلت في برقيتها أن الصوت قُطع عند المصدر، وهو ما غذّى بدوره نقاشاً متصاعداً حول شفافية ما جرى.
توضيح من رئاسة الاتصال التركية
رئاسة الاتصال في أنقرة سارعت إلى إصدار بيان رسمي، أكدت فيه أن المسألة مرتبطة بما وصفته بـ “القيود الزمنية” المفروضة على كلمات قادة الدول.
وجاء في البيان أن مدة الخطاب المخصصة لرؤساء الدول والحكومات هي خمس دقائق فقط، بينما لا تتجاوز ثلاث دقائق بالنسبة لبقية المتحدثين. وأضافت أن الرئيس أردوغان تجاوز المدة المحددة، لاسيما بعد أن تخللت كلمته موجات من التصفيق، ما أدى إلى إطالة زمن الخطاب بشكل غير مباشر. وبناءً على ذلك، تم إيقاف الميكروفون تلقائياً بعد الدقيقة الخامسة وفقاً للإجراءات التقنية المتبعة.
البيان لفت أيضاً إلى أن الأمر لم يقتصر على تركيا، إذ تعرض رئيس إندونيسيا لنفس الموقف حين تم إيقاف الميكروفون عنه بالطريقة ذاتها.
أصداء وتداعيات
الحادثة لم تمر مرور الكرام، إذ اعتبرها مؤيدو الرئيس التركي دليلاً على “التضييق المتعمد” على المواقف المنتقدة لإسرائيل، بينما تعاملت أطراف أخرى معها بوصفها “خللاً روتينياً” لا يتجاوز حدود الأعراف التنظيمية للأمم المتحدة. اللافت أن الجدل تزامن مع استمرار التوترات الإقليمية، ومع تزايد الانتقادات الموجهة لسياسات المنظمة الدولية حيال الصراع في غزة، ما أضفى على الموقف أبعاداً سياسية تتجاوز حدود الواقعة التقنية.

