في خطوة هي الأولى من نوعها منذ ما يقرب من عشر سنوات، أجرى وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (DEM) الموالي للأكراد في تركيا، يوم السبت، زيارة إلى عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يقضي حكمًا بالسجن المؤبد في زنزانة انفرادية بسجن في جزيرة إمرالي قرب إسطنبول.
يذكر أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي السابق حول اسمه إلى حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الحالي، وكان ممثلو الحزب السابق قد التقوا بأوجلان آخر مرة في أبريل 2015.
موافقة حكومية لزيارة نادرة
حصل الحزب على موافقة الحكومة يوم الجمعة لزيارة أوجلان، الذي أسس حزب العمال الكردستاني قبل ما يقرب من نصف قرن بهدف المطالبة بحقوق الأكراد، والذي يقبع حاليا في سجن إمرالي منذ عام 1999 حيث يقضي عقوبة السجن في عزلة.
ومنذ عام 1984، يشن حزب العمال الكردستاني حربًا دموية في جنوب شرق تركيا، أودت بحياة عشرات الآلاف، وتصنفه تركيا ومعظم حلفائها الغربيين، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، كمنظمة إرهابية.
تصريحات الحزب الكردي
تألف وفد حزب المساواة والديمقراطية من نائبين برلمانيين هما سري سريا أوندر وبيرفين بولدان، ولم يدلِ الوفد بأي تصريحات عقب الزيارة.
وقال تونجر باقرهان، الرئيس المشترك للحزب، إنه يأمل أن تكون المحادثات مع أوجلان بداية لعهد جديد لحل ديمقراطي للقضية الكردية، وأوضح خلال حديثه للصحفيين في منطقة أولودره بمحافظة شرناق، بالقرب من الحدود العراقية: “بينما أتحدث هنا، يلتقي وفدنا الآن بالسيد عبد الله أوجلان في إمرالي. نحن نعتقد أن هذا اللقاء له أهمية بالغة”.
وأضاف باقرهان خلال مشاركته في مراسم إحياء ذكرى مقتل 34 مدنيًا في غارة جوية تركية عام 2011، والتي عُرفت بمجزرة أولودره أو روبوسكي: “يجب فتح باب إمرالي. آمل أن تسهم المناقشات هناك في حل القضية الكردية بوسائل ديمقراطية وعلى أسس ديمقراطية”.
تاريخ أوجلان والمفاوضات السابقة
ألقت القوات الأمنية التركية القبض على أوجلان قبل 25 عامًا في عملية درامية نفذتها في كينيا بعد سنوات من الفرار. وحُكم عليه بالإعدام، لكن تركيا ألغت عقوبة الإعدام في عام 2004، ليتم تخفيف العقوبة إلى السجن المؤبد في زنزانة انفرادية.
وشهدت الجهود لحل القضية الكردية عدة محاولات للتفاوض مع أوجلان، كان أبرزها عملية السلام التي انهارت في عام 2015، مما أدى إلى تجدد أعمال العنف، خصوصًا في المناطق ذات الأغلبية الكردية جنوب شرق البلاد.
مبادرة غير مسبوقة
جاءت هذه الزيارة النادرة عقب دعوة غير مسبوقة من دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية المتحالف مع الرئيس رجب طيب أردوغان، دعا فيها أوجلان إلى التحدث علنًا للتخلي عن الإرهاب وحل حزب العمال الكردستاني.
من جانبه، وصف أردوغان هذه المبادرة بأنها “نافذة تاريخية من الفرص”، وفي أكتوبر الماضي، ناشد الأكراد قائلاً: “إخواني الأكراد الأعزاء، نحن ننتظر منكم اغتنام اليد الممدودة بصدق”.
في أعقاب هذه الدعوة، سمح لأوجلان بلقاء عائلته لأول مرة منذ مارس 2020، مما دفع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب إلى تقديم طلب لوزارة العدل لزيارة الزعيم الكردي البالغ من العمر 75 عامًا.
السياق السياسي والإقليمي
تزامنت هذه التطورات مع إعلان المتمردين في سوريا المجاورة الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر. ووسط هذه الأوضاع، تستمر تركيا في استهداف المقاتلين الأكراد في شمال سوريا والعراق.
ورغم هذا التصعيد، يُنظر إلى الزيارة كجزء من جهود جديدة لإحياء محادثات السلام مع أكراد تركيا، بعد فشل سابتها، وسط دعوات متزايدة لحل القضية الكردية عبر وسائل سياسية وسلمية.