وقّعت وزارة الدفاع التركية ورئاسة الصناعات الدفاعية يوم الأربعاء بروتوكول تعاون حاسم لتطوير مشروع نظام الحوسبة السحابية للقوات المسلحة التركية، الذي يُعدّ حجر الأساس لمشروع الدفاع الجوي الطموح المعروف باسم “القبة الفولاذية”، وفقًا لوكالة الأناضول الرسمية.
أعلن رئيس الصناعات الدفاعية، هالوك جورغون، أن الوزارة ومؤسسته قد أبرمتا شراكة رسمية لتطوير ما وصفه بـ”إحدى البُنى التحتية الأكثر أهمية” في إطار تطوير نظام الدفاع الجوي والصاروخي المحلي في تركيا، المسمى “القبة الفولاذية”.
يُعد مشروع القبة الفولاذية مبادرة محلية يجري تطويرها بالتعاون بين شركات الدفاع التركية الحكومية “أسيلسان” و”روكتسان”، بالإضافة إلى معهد الأبحاث الحكومي “توبيتاك”.
ويهدف المشروع إلى دمج أجهزة الاستشعار، وشبكات الاتصال، والأسلحة الحالية والمستقبلية في نظام واحد لتحقيق حماية شاملة للمجال الجوي.
يسعى المشروع إلى إنشاء شبكة دفاعية موحدة قادرة على التصدي للتهديدات الجوية المتطورة مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ.
وسيُنفَّذ نظام الحوسبة السحابية، الذي تقوده شركة الدفاع هافيلسان (HAVELSAN)، كجزء من الجهود التركية الأوسع لتحديث البنية العسكرية الرقمية في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتطور طبيعة الحروب.
وقال جورغون خلال حفل التوقيع: “هذه البنية التحتية أساسية لمبادرة القبة الفولاذية. المشروع سيضمن تنسيقًا شاملًا للأمن السيبراني عبر مقاولنا الرئيسي هافيلسان، ليصل إلى جميع المستخدمين النهائيين في النظام.”
يأتي هذا التطور ضمن الخطة الاستراتيجية لوزارة لدفاع التركية للفترة 2024-2028، والتي تركّز على تعزيز السيادة التكنولوجية وزيادة القدرات العسكرية.
وأشار رئيس الأركان العامة، متين غوراك، إلى الحاجة الملحّة لهذه التطورات في ظل تصاعد التهديدات الإقليمية وحالة عدم اليقين العالمية قائلا: “تتطلب الحروب الحديثة هياكل قيادة وتحكم مرنة ومتطورة قادرة على الاستجابة السريعة للتهديدات. هذا التحول في أنظمة الاتصال والمعلومات والأسلحة يغير جذريًا ليس فقط بنيتنا التحتية التقنية، ولكن أيضًا مفاهيمنا التشغيلية.”
تعتبر الحوسبة السحابية العسكرية من الركائز الأساسية للاستراتيجية الدفاعية الحديثة، حيث تغيّر طريقة عمل القوات المسلحة وتواصلها واستجابتها للتهديدات. توفر هذه التقنية قدرات غير مسبوقة في الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف وتعزيز الأمان، إلى جانب إحداث ثورة في إدارة البيانات والاتصالات العسكرية.
يهدف مشروع الحوسبة السحابية إلى تزويد القوات المسلحة التركية بخوادم متطورة، وأنظمة تخزين، وبنية تحتية للشبكات. ويرى المحللون العسكريون أن هذا التحول الرقمي قد يعزز بشكل كبير قدرات تركيا الدفاعية، خاصة في مجالات مراقبة العمليات وإدارتها في الوقت الحقيقي، واتخاذ القرارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتأمين تخزين ومعالجة البيانات، وتحسين التدريب والمحاكاة العسكرية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات اللوجستية وإدارة المخزون.
وفي الوقت الذي تمضي فيه تركيا قدمًا في مشروعها للحوسبة السحابية العسكرية، تُظهر مبادرات مماثلة حول العالم أهمية تكنولوجيا الحوسبة السحابية في العمليات العسكرية الحديثة.
من أبرز الأمثلة على هذا الاتجاه العالمي مبادرة البنتاغون الأمريكية Joint Warfighter Cloud Capability (JWCC)، (القدرة السحابية للمقاتل المشترك) التي تهدف إلى إنشاء بنية تحتية سحابية متكاملة تربط بين مختلف فروع الجيش لتعزيز التنسيق في ساحات القتال وقدرات الأمن السيبراني.
وعقدت أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت، وأوراكل عقدا مع مبادرة الحوسبة السحابية المشتركة بقيمة تصل إلى 9 مليارات دولار على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، في ديسمبر 2022.
وفي أوروبا، تم تكليف شركة ليوناردو الإيطالية، المملوكة للدولة، من قبل وزارة الدفاع الإيطالية باستكشاف إنشاء أول مشروع سحابي عسكري فضائي في أوروبا، يُعرف باسم MILSCA، والذي يهدف إلى توفير قدرات عالية في الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وتخزين البيانات مباشرة في الفضاء.
لكن الخبراء يحذرون من أن الحوسبة السحابية، على الرغم من مزاياها العسكرية الكبيرة، تواجه تحديات مثل مخاطر الأمن السيبراني واحتمالية الاعتماد على الإنترنت.