كشفت إحصاءات جمعية المجتمع المدني في نظام العقوبات (CISST) أن السجون التركية تضم حالياً 3,690 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاماً، من بينهم 165 فتاة، بالإضافة إلى 759 طفلاً دون سن السادسة يعيشون مع أمهاتهم في السجن، وذلك من بين إجمالي 16,039 امرأة مسجونة في جميع أنحاء البلاد، معظمهن ينتمين إلى حركة الخدمة.
تأسست هذه الجمعية في إسطنبول عام 2006، وهي تعمل على حماية حقوق السجناء وحرياتهم، كما تسعى لضمان أن تكون ظروف السجون وممارساتها وسياساتها في تركيا متوافقة مع كرامة الإنسان ومعايير حقوق الإنسان العالمية.
وأظهرت أبحاث أجرتها الجمعية التركية لعلم النفس أن الأطفال الذين يعيشون في السجون مع أمهاتهم يعانون من تأخر كبير في النمو. تشمل هذه التأخيرات ضعف المهارات الحركية، سواء الحركات الأساسية مثل المشي والجري أو المهارات الدقيقة كتنسيق حركة اليد، إضافة إلى انخفاض في النمو الإدراكي. البيئة السجنية تفتقر إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للطفولة، مثل التغذية الكافية، والرعاية الصحية المنتظمة، والدعم النفسي، وفرص التعليم المبكر. كما أن خدمات حيوية كالتطعيمات الروتينية وبرامج ما قبل المدرسة غالباً ما تكون غير متاحة، مما يؤدي إلى تعريض نمو هؤلاء الأطفال للخطر مقارنة بأقرانهم خارج السجون.
تنص قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات (المعروفة باسم قواعد بانكوك) في المواد 48-52 على تنظيمات تتعلق بالنساء الحوامل والأمهات المرضعات والنساء اللواتي لديهن أطفال في السجن. وتؤكد هذه المعايير الدولية، التي تم تبنيها في عام 2010، على أنه “يجب معاملة السجينات الحوامل أو المرضعات أو اللواتي يعشن مع أطفالهن وفقاً لاحتياجاتهن، ويجب أن تتم مراقبة الأطفال من قبل مختصين. ولا ينبغي أبداً معاملة الطفل الذي يعيش مع والدته كسجين”.
كما ينص القانون الجنائي التركي في المادة 5275 على أن “عقوبة السجن تؤجل للنساء الحوامل أو اللواتي أنجبن خلال الأشهر الستة الماضية”. ويشير الخبراء إلى أن اعتقال النساء الحوامل أو الأمهات اللاتي لديهن أطفال أصغر من ستة أشهر غير قانوني. كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECtHR) تضع الأطفال المولودين أو الذين لم يولدوا بعد تحت الحماية.
ومع ذلك، أظهرت تقارير أن النساء والأمهات اللواتي اعتقلن ضمن حملة القمع غير المسبوقة في تركيا تعرضن للتعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز والسجون، كجزء من حملة ممنهجة من الترهيب والاضطهاد ضد المنتقدين والمعارضين للحكومة. وكشف تقرير بعنوان “سجن النساء في تركيا: حملة ممنهجة للاضطهاد والخوف”، الذي صدر عن مركز ستوكهولم للحريات (SCF) في أبريل 2017، عن أن العديد من الأمهات تم احتجازهن في المستشفى مباشرة بعد الولادة، دون أن تتاح لهن فرصة التعافي.
في عدة حالات، اعتُقلت أمهات أثناء زيارتهن لأزواجهن المسجونين، مما ترك الأطفال في حالة من الفوضى. كما سلط تقرير صادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (OHCHR) في مارس 2018 الضوء على اعتقال وتعذيب النساء الحوامل والأطفال في تركيا خلال عام 2017.
في الفترة بين 31 يناير 2022 و31 يناير 2023، احتلت تركيا المرتبة الأولى بين الدول الأوروبية من حيث عدد السجناء، حيث تضم السجون التركية 348,265 سجيناً، بمن فيهم المحتجزون قيد المحاكمة. وعند حساب عدد السجناء بالنسبة لعدد السكان، تتصدر تركيا أيضاً بمعدل 408 سجناء لكل 100,000 شخص.
وأشار البروفيسور مارسيلو أبي، من كلية العلوم الجنائية بجامعة لوزان، الذي قاد الفريق الذي أعد التقرير، إلى أن عدد السجناء في تركيا قد زاد بنحو ستة أضعاف خلال العشرين عاماً الماضية، حيث ارتفع من 60,000 في عام 2002 إلى 350,000 في عام 2023. وأضاف أن هذه الزيادة “يبدو أنها ارتبطت بشكل خاص بفترة ما بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو ومرتبطة بالإدانات التي تستند إلى قانون مكافحة الإرهاب”.