شهد الأسبوع الماضي حملة واسعة النطاق في تركيا، أسفرت عن اعتقال 85 شخصًا بدعوى ارتباطهم بحركة الخدمة التي تستوحي فكر فتح الله كولن الراحل، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن مركز ستوكهولم السويدي للحرية.
نفذت السلطات التركية يوم الثلاثاء مداهمات شملت سبع محافظات، مسفرة عن اعتقال 22 شخصًا، بتهمة تقديم دعم مالي لعائلات مرتبطة بالحركة، بينهم موظفون حكوميون سابقون أُقيلوا من وظائفهم بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.
وفي يوم الأربعاء، أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عبر منصة إكس عن اعتقال 63 شخصًا إضافيًا في عمليات شملت 38 محافظة، بتهمة تقديم الدعم المالي للحركة ونشر دعايتها.
خلفية الاتهامات ضد الحركة
بدأ أردوغان يستهدف أتباع حركة كولن عقب تحقيقات الفساد في ديسمبر 2013، التي تورط فيها ثلاثة وزراء وأبناؤهم وأفراد من عائلة أردوغان، لكن الأخير وصف تلك التحقيقات بأنها مؤامرة قضائية من قِبل الحركة للإطاحة بحكومته، واتجه منذ 2013 إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية “إعلاميا”، ثم استصدر في 2016 قرارا “رسميا” لوصفها بالإرهابية، حيث اتهمها هذه المرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة. غير أن الحركة نفت كل هذه الاتهامات ووصفت الأحداث الفوضوية في ليلة الانقلاب بـ”الحرب النفسية” و”عمليات الراية المُزيفة” (false flag) يقف وراءها أردوغان نفسه ليتمكن من خلق أرضية لاتهامات جاهزة، ووصم الحركة بالإرهابية، وبالتالي تصفية الجنرالات المعارضين لمشاريعه العسكرية في سوريا وعموم العالم العربي والأسلامي، بتهمة الانتماء إلى هذه المنظمة الإرهابية المزعومة.
يذكر أن مصطلح “الراية المزيفة” يُستخدم لوصف عمليات سرية تُنفذها جهة معينة بحيث يتم إخفاء الهوية الحقيقية للمنفذين وتوجيه التهمة لمجموعة أو دولة أخرى، بهدف خلق انطباع بأن الطرف الذي تم اتهامه زورًا هو من قام بالعمل، وذلك لتحقيق أهداف عسكرية أو سياسية أو استخباراتية. تُستخدم هذه الاستراتيجية في الغالب للتأثير على الرأي العام أو لتبرير أفعال وعمليات معينة لا يسمح لها الدستور والقوانين ولا يسوغها الجمهور في العادة.
وكان أردوغان قال صراحة عقب إعلانه حالة الطوارئ في البلاد بعد أسبوع من إحباط ما سمي بمحاولة الانقلاب الفاشلة بدعوى التصدي لـ”الانقلابيين”: “لقد حصلنا في ظل حالة الطوارئ على القدرة والإمكان من أجل تنفيذ كثير من الإجراءات التي لا يمكن أن نجريها في الظروف والأوقات العادية”، على حد قوله.
الإجراءات التي أعقبت الانقلاب
أعلنت الحكومة حالة الطوارئ بعد محاولة الانقلاب، وأصدرت مراسيم طارئة أدت إلى فصل أكثر من 130,000 موظف حكومي، بالإضافة إلى 24,706 من أفراد القوات المسلحة، بزعم ارتباطهم بـ”منظمات إرهابية”، علمًا أن هذه المراسيم لم تخضع لأي رقابة قضائية أو برلمانية.
وخلال السنوات الأخيرة، خضع أكثر من 705,172 شخصًا لتحقيقات بتهم تتعلق بالإرهاب أو محاولة الانقلاب بسبب علاقتهم المزعومة بالحركة. وبلغ عدد المعتقلين حاليا في قضايا مرتبطة بالحركة حوالي 13,251 شخصًا، بين محتجزين على ذمة المحاكمة أو مدانين بتهم الإرهاب.
بين يونيو 2023 ويونيو 2024 فقط، نفذت السلطات التركية 5,543 عملية أمنية، أسفرت عن اعتقال 1,595 شخصًا على صلة بالحركة. بالإضافة إلى أعداد المعتقلين، اضطُر العديد من أتباع الحركة إلى الفرار من تركيا هربًا من حملة القمع الحكومية.