في تصريحات أدلى بها لموقع T24 التركي، وصف زعيم حزب الديمقراطية والتقدم (DEVA)، علي باباجان، اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي بأنه “انقلاب ضد الديمقراطية”، مشبّهًا الواقعة بالتدخلات العسكرية التي شهدتها تركيا في أعوام 1997 و2007.
وقال باباجان: “ما حدث في 18 و19 مارس يعادل تمامًا التدخلات العسكرية في 28 فبراير (1997) و27 أبريل (2007). إنها إجراءات تُعطّل النظام الديمقراطي بشكل مباشر.”
وجاء اعتقال إمام أوغلو بعد يوم من سحب جامعة إسطنبول لشهادته الجامعية، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإقصائه من الترشح للرئاسة. وفي 23 مارس، أُعلن رسميًا ترشحه عن حزب الشعب الجمهوري المعارض.
أردوغان والأزمة الاقتصادية: “أزمة من صنع يديه”
وجه باباجان، الذي شغل سابقًا منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في حكومات حزب العدالة والتنمية، انتقادات شديدة إلى إدارة أردوغان، مؤكدًا أن الأزمة الاقتصادية الحالية “صُنعت داخليًا، وليست نتاجًا لصدمات خارجية”.
وبحسب تقديره، فإن البنك المركزي أنفق منذ 17 مارس نحو 57 مليار دولار من احتياطياته، أي ما يقرب من نصف ما تم ترميمه بعد انتخابات 2023.
ووصف استراتيجية وزارة المالية بالاقتراض القائم على الذهب بأنها “خاطئة تمامًا”، كما انتقد بشدة برنامج “الودائع المحمية من تقلبات العملة (KKM)” الذي كلف الدولة 800 مليار ليرة خلال عام واحد، مؤكدًا أن التمويل جرى عبر طباعة النقود دون غطاء مالي كافٍ.
تقييد صلاحيات الاقتصاديين الجدد
رغم التعيينات الأخيرة لشخصيات اقتصادية مثل جودت يلماز ومحمد شيمشك، أشار باباجان إلى أن دورهم محدود، قائلاً: “لا يمكنهم الحديث عن الفساد أو هدر المال العام، لأنهم ببساطة يُمنعون من ذلك.”
ما بعد أردوغان: حزب العدالة والتنمية سيذوب
فيما يتعلق بالمستقبل السياسي، قال باباجان إن أردوغان غير مؤهل دستوريًا للترشح مجددًا في 2028، مشيرًا إلى أن اللحظة التي يرحل فيها أردوغان، “سينهار حزب العدالة والتنمية كما نعرفه اليوم”، موجها لأردوغان دعوة ببدء عملية انتقال ديمقراطي منظمة وسلمية.
الملف الكردي والكردستاني: لا حل دون سياسة
باباجان لم يغفل الملف الكردي، مؤكّدًا دعمه للحلول السياسية السلمية، وواصفًا حزب العمال الكردستاني (PKK) بأنه “كيان متخلف تاريخيًا فقد مبررات وجوده”، ومحذرًا من أن أردوغان يمكن أن يتخلى عن أي عملية سلام إذا شعر بتهديد لسلطته.
وأثارت ملاحظاته ضجة، حين أشار إلى أن تصريحات عبد الله أوجلان الأخيرة “تتطابق بنسبة 80% مع مواقف حزبه خلال السنوات الخمس الأخيرة”.
خروج من عباءة الحزب الحاكم: “لسنا طرفًا في الاستقطاب”
وعن سبب انفصاله عن حزب العدالة والتنمية، قال باباجان إن فشل الحزب في مكافحة الفساد وترسيخ العدالة دفعه إلى تأسيس حزب الديمقراطية والتقدم، مؤكّدًا أن الحزب “لا يتبع أي تحالف” وأنه يقدم “مسارًا ثالثًا بعيدًا عن الاستقطاب الثنائي الحاد في الساحة السياسية التركية”.
الأمل لم يمت بعد
رغم تشاؤمه من حالة الديمقراطية، اختتم باباجان حواره بنبرة أمل: “نعم، ديمقراطيتنا مريضة، لكنها لم تمت. وسنواصل النضال لإبقائها على قيد الحياة وعلاجها.”

