أعلنت فصائل معارضة سورية سيطرتهم على دمشق يوم الأحد، في هجوم خاطف أفضى إلى فرار الرئيس السوري بشار الأسد، منهياً بذلك خمسين عاماً من حكم حزب البعث في سوريا.
فرحة في شوارع دمشق
شهدت شوارع دمشق مشاهد احتفالية غير مسبوقة، حيث خرج السكان يهتفون بسقوط “الطاغية” الأسد، وأعلنوا تحرير المدينة.
وأظهرت لقطات بثتها وكالة الصحافة الفرنسية مقاتلين يطلقون النار في الهواء مع بزوغ الفجر، بينما رفع آخرون علامة النصر وهتفوا “الله أكبر”.
في لحظات رمزية تعكس سقوط النظام، صعد بعض المحتفلين على دبابة وأزالوا تمثالاً مهدماً لحافظ الأسد، والد بشار الأسد. وقال أحد سكان دمشق، عامر بطحة، بتأثر: “لا أصدق أنني أعيش هذه اللحظة. لقد انتظرنا هذا اليوم طويلاً. نحن نبدأ تاريخاً جديداً لسوريا.”
فرار الأسد وسقوط نظام البعث
وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فر الأسد عبر مطار دمشق الدولي قبل انسحاب قوات الأمن من المطار.
تأتي هذه التطورات بعد أقل من أسبوعين من بدء حملة عسكرية قادتها جماعة “هيئة تحرير الشام”، التي نجحت في تحدي أكثر من خمسين عاماً من حكم عائلة الأسد.
وأعلنت الفصائل المعارضة عبر تلغرام: “بعد 50 عاماً من القمع تحت حكم البعث، و13 عاماً من الجرائم والتهجير القسري… نعلن اليوم نهاية هذه الحقبة السوداء وبداية عهد جديد لسوريا.”
تداعيات سقوط الأسد
أشارت تقارير إلى فتح أبواب سجن صيدنايا سيئ السمعة، الذي ارتبط بأسوأ الانتهاكات في عهد الأسد، وأعلنت الفصائل المهاجمة أن السيطرة على السجن تمثل نهاية “حقبة الطغيان” فيه.
وجاء سقوط دمشق بعد ساعات من سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينة حمص الاستراتيجية، ثالث أكبر مدينة سورية، مما مهد الطريق نحو العاصمة. ورغم نفي وزارة الدفاع السورية دخول المعارضة إلى حمص ووصفها للوضع هناك بأنه “آمن ومستقر”، أظهرت التطورات الميدانية عكس ذلك.
ردود فعل دولية وإقليمية
مع تطور الأحداث، أعلنت الولايات المتحدة مراقبتها “للأحداث الاستثنائية” في سوريا عن كثب، بينما أعرب رئيس الوزراء السوري محمد الجلالي عن استعداده للتعاون مع “أي قيادة يختارها الشعب السوري”، مشيراً إلى إمكانية تحول سوريا إلى “دولة طبيعية تقيم علاقات طيبة مع جيرانها والعالم”.
في هذه الأثناء، دعت الأردن، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، مواطنيها إلى مغادرة سوريا فوراً، وأفادت مصادر عراقية بسماح بغداد بدخول مئات الجنود السوريين الفارين عبر معبر القائم الحدودي.
السياق الإقليمي والدولي
اعتمد نظام الأسد على دعم روسيا وإيران، بينما دعمت تركيا تاريخياً المعارضة السورية. ومع ذلك، يبدو أن الدعم الروسي قد تلاشى في الأيام الأخيرة، حيث صرح مصدر عراقي أن 2000 جندي سوري، بينهم ضباط، فروا من الخطوط الأمامية.
من جانبه، قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عبر منصته Truth Social: “الأسد انتهى. حاميه روسيا بقيادة فلاديمير بوتين لم تعد مهتمة بحمايته.”
وأشار المرصد السوري إلى أن الحملة العسكرية منذ انطلاقها أسفرت عن مقتل 826 شخصاً، معظمهم من المقاتلين، إلى جانب 111 مدنياً، كما نزح 370,000 شخص، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
مستقبل سوريا
مع إعلان الفصائل المعارضة إسقاط النظام عبر التلفزيون الرسمي السوري، ودعوتها المواطنين لحماية “ممتلكات الدولة السورية الحرة”، تبدو سوريا على أعتاب مرحلة جديدة. سقوط دمشق، إلى جانب تحرير مدن رئيسية مثل حلب، وحماة، وحمص، يمثل تحولات كبيرة في ميزان القوى.
فيما أشادت القوات الديمقراطية السورية (SDF)، المدعومة أمريكياً، بسقوط “النظام الاستبدادي”، يبقى مصير سوريا رهناً بالتوافق الإقليمي والدولي على مستقبلها.
مع استمرار التطورات السريعة في دمشق والمدن المحررة، يبدو أن سقوط الأسد يشكل بداية مرحلة انتقالية حاسمة لسوريا. رغم الآمال المعقودة على مستقبل أفضل، تبقى التحديات السياسية والإنسانية كبيرة، مع ضرورة توجيه الجهود نحو تحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية.