شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل تصعيدًا جديدًا في التوترات، على الصعيد الخطابي فقط في الوقت الراهن، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بالاحتلال غير القانوني للأراضي السورية، على خلفية التحولات الأخيرة في دمشق.
تركيا تنتقد التوسعات الإسرائيلية في الجولان
أصدرت وزارة الخارجية التركية يوم الاثنين بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه قرار إسرائيل توسيع المستوطنات في مرتفعات الجولان التي تحتلها منذ عام 1967.
ووصف البيان هذه الخطوة بأنها جزء من “سياسة توسعية تعتمد على الاحتلال”، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف “الخطوات غير القانونية” التي تنفذها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
كما اتهمت أنقرة إسرائيل بخرق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، التي أنهت الأعمال العدائية مع سوريا، مشيرة إلى قيام إسرائيل بالتوغل في مناطق الفصل وتنفيذ ضربات جوية داخل الأراضي السورية.
كذلك جاء في بيان الخارجية التركية أن “الإجراءات الإسرائيلية المستمرة تقوّض بشكل خطير الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا”.
إسرائيل ترد باتهامات مضادة
بدورها، ردت إسرائيل ببيان حاد يوم الثلاثاء، اتهمت فيه تركيا بالنفاق، مشيرة إلى ما وصفته بـ”احتلال ممنهج” للأراضي السورية عبر العمليات العسكرية التي أطلقتها منذ عام 2016.
وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تركيا تسيطر على حوالي 15% من الأراضي السورية من خلال وكلاء مسلحين، مثل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة، بالإضافة إلى تأسيس بنية تحتية تشمل استخدام العملة التركية وافتتاح فروع للبنوك والخدمات البريدية التركية.
وأضاف البيان الإسرائيلي أن “تركيا تدعم قوات جهادية تعمل ضد الأكراد، وليس هناك مبرر لاستمرار عدوانها وعنفها ضد الأكراد في سوريا”.
خلاف الجولان: جوهر النزاع
يتمحور الخلاف بين البلدين حول الجولان، حيث تعتبر إسرائيل أن السيطرة على المنطقة ضرورية لأمنها القومي، بينما تؤكد تركيا أن الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية بموجب القانون الدولي. وقد قامت إسرائيل بضم الجولان رسميًا عام 1981، وهي خطوة لم تحظَ باعتراف غالبية المجتمع الدولي، بينما تصف تركيا الجولان بأنها أراضٍ محتلة.
السياق الإقليمي الأوسع
تأتي هذه الاتهامات المتبادلة في ظل اضطرابات أوسع تشهدها سوريا عقب الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وتزايد التنافس على النفوذ في البلاد. وتدعي كل من تركيا وإسرائيل أنها تعمل وفق مصالحها في المنطقة، حيث تركز إسرائيل على مواجهة النفوذ الإيراني، بينما تبرر تركيا تدخلها بمخاوف أمنية متعلقة بالمجموعات الكردية.
يعكس هذا السجال الدبلوماسي بين تركيا وإسرائيل تعقيدات الوضع السوري وما يترتب عليه من صراعات سياسية وجيوسياسية، حيث يظل مستقبل سوريا أحد القضايا المحورية التي تشكل المشهد الإقليمي والدولي.