عقد وفد من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب المؤيد للأكراد اجتماعات مع ممثلين عن حزب العدالة والتنمية الحاكم وعدد من الأحزاب المعارضة يوم الاثنين لمناقشة لقائهم التاريخي مع عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في جزيرة إمرالي منذ عام 1999.
لقاء تاريخي مع أوجلان يفتح أفقًا جديدًا
ضم وفد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب ثلاث شخصيات بارزة؛ نائب رئيس البرلمان سري ثريا أوندر، والنائبة بيرفين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد ترك. في الأسبوع الماضي، التقى الوفد بأوجلان لأول مرة منذ قرابة عقد من الزمن، حيث أعرب الأخير عن استعداده للمساهمة في “مرحلة جديدة” تهدف إلى تحويل الصراع من العنف إلى السبل القانونية والسياسية. وقال أوجلان: “أنا مستعد لاتخاذ الخطوات اللازمة إذا توفرت الشروط المناسبة”.
تصريحات أردوغان: رسالة مزدوجة بين الحزم والانفتاح
في مؤتمر حزبي في سامسون يوم 4 يناير، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفه الحازم ضد حزب العمال الكردستاني، قائلاً: “إما أن يدفن الإرهابيون أسلحتهم أو سيدفنون بها. لا يوجد خيار ثالث”. ورغم لهجته الحادة، أظهرت تصريحاته إشارات ضمنية لدعمه لجهود حليفه زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، الذي دعا في وقت سابق أوجلان إلى إصدار بيان يدعو لحل حزب العمال الكردستاني.
أردوغان أضاف: “على من يعتمدون على الاستفزازات أن يتوقفوا”، مشيرًا إلى أهمية حماية العملية من محاولات الإفساد.
مشاورات مع الأحزاب السياسية: خطوات لبناء الزخم
بعد لقاء أوجلان، بدأ حزب الشعوب الديمقراطي سلسلة من الاجتماعات مع الأحزاب السياسية التركية، حيث التقى يوم الاثنين بممثلين عن حزب العدالة والتنمية، بينهم رئيس الكتلة البرلمانية عبد الله غولر، ونائب رئيس الحزب إفكان علاء، والمتحدث باسم الحزب عمر تشليك. استمر اللقاء لمدة 85 دقيقة، وهو الأطول ضمن سلسلة المشاورات.
وصف غولر الاجتماع بأنه “صادق وإيجابي”، مشيرًا إلى أن تصريحات إضافية ستصدر قريبًا. وفي وقت سابق من اليوم، التقى وفد حزب الشعوب الديمقراطي برئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، الذي وصف النقاش بأنه “تشاور صادق”، داعيًا إلى الحفاظ على النظام العام في هذه المرحلة الحرجة.
كما عقد الوفد اجتماعات مع رئيس حزب السعادة محمود أريكان، الذي وصف النقاشات بأنها بنّاءة، مؤكدًا أنه سيتم متابعة الموضوع للمساهمة في العملية. ومن المقرر أن يلتقي الوفد مع رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان، ورئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان، فيما لا يزال لقاء مع زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، قيد الترتيب.
دور دميرطاش في المرحلة المقبلة
أعلن حزب الشعوب الديمقراطي أنه سيصدر بيانًا شاملاً بعد لقائه المرتقب مع صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشترك السابق للحزب، الذي يقضي عقوبة السجن منذ عام 2016. يُنظر إلى دميرطاش على أنه شخصية محورية في تعزيز الجهود الساعية إلى السلام، حيث اشتهر بمحاولاته لرأب الصدع العرقي وتعزيز الحوار.
تحديات السلام في ظل الإرث الثقيل
القضية الكردية، التي تمثل طموحات أكبر مجموعة عرقية بلا دولة، تظل من أعقد ملفات تركيا منذ سبعينيات القرن الماضي. ورغم تحوّل حزب العمال الكردستاني من المطالبة بالاستقلال إلى السعي نحو الحكم الذاتي، فإن الصراع الذي أسفر عن عشرات الآلاف من الضحايا لا يزال مستمرًا. وقد شكك المراقبون في قدرة أوجلان، بعد سنوات طويلة من العزلة، على لعب دور رئيسي في عملية السلام.
ورغم الانهيار السابق لمحادثات السلام في 2015 بعد ذروتها عام 2012، فإن الاجتماع الأخير مع أوجلان وتجدد الحوار السياسي يعيدان الأمل في إنهاء النزاع، وسط دعوات للإصلاحات الديمقراطية وإنهاء عزلة أوجلان كشرط للتقدم.