تسعى تركيا للعودة إلى برنامج F-35 الأمريكي بعد أن أبدت الولايات المتحدة إشارات إلى تغيير محتمل في سياستها تجاه أنقرة، وذلك عقب التقدم الذي أحرزته تركيا في تطوير المقاتلة الوطنية “قاآن”، وهي مقاتلة من الجيل الخامس قامت بأول رحلة لها في فبراير الماضي.
كانت واشنطن استبعدت أنقرة رسميًا من برنامج F-35 عام 2019 بموجب قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) للسنة المالية 2020، ويرجع سبب ذلك بشكل أساسي إلى شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 ونشرها على الأراضي التركية. وقد جادلت الولايات المتحدة بأن منظومة S-400 تمثل تهديدًا لأمن تركيا والولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، إذ يمكنها أن تعرض القدرات المتقدمة لطائرة F-35 للخطر.
اعتبرت واشنظن شراء تركيا منظومة S-400 الروسية كـ”صفقة ذات أهمية كبيرة” بموجب قانون “مكافحة النفوذ الروسي في أوروبا وآسيا” لعام 2017، وهو تشريع يهدف إلى تقليل الاعتماد على الأنظمة العسكرية الروسية. وكان قد عُرض على تركيا شراء نظام الدفاع الجوي الأمريكي باتريوت كبديل، لكنها اختارت منظومة S-400 بدلاً من ذلك.
بعد استبعاد تركيا، قامت الولايات المتحدة بنقل الطائرات F-35 الخاصة بتركيا إلى منشآت تخزين داخل الولايات المتحدة، مع تخصيص ما يصل إلى 30 مليون دولار لصيانتها وحفظها.
وخلال حديثه أمام لجنة التخطيط والموازنة في البرلمان التركي في 26 نوفمبر، عزا وزير الدفاع التركي يشار غولر هذا التغير في الموقف الأمريكي إلى النجاح الذي حققته تركيا في تطوير “قاآن”، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول الرسمية.
تعد “قاآن”، أول طائرة مقاتلة وطنية تركية، خطوة مهمة ضمن مشروع TF-X الذي أُطلق في عام 2016 بهدف تحديث سلاح الجو التركي. وقد طورتها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TAI) بالتعاون مع شركة BAE Systems البريطانية. تهدف الطائرة إلى استبدال أسطول تركيا القديم من طائرات F-16 بحلول ثلاثينيات القرن الحالي.
تعمل “قاآن” بمحركات من طراز تكنولوجية “جنرال إلكتريك” الأمريكية (General Electric F110)، مع خطط مستقبلية لاستخدام محرك محلي من شركة تي آر موتور. وتتميز الطائرة بقدرات تخفٍ، وحاويات أسلحة داخلية، وأنظمة متطورة. خلال رحلتها التجريبية الأولى التي استمرت 13 دقيقة، وصلت سرعتها إلى 230 عقدة وارتفاعها إلى 8000 قدم. من المتوقع أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2028، مع استهداف إنتاج طائرتين شهريًا بعد عام 2029.
وقال غولر: “عندما رأى الأمريكيون أننا نستطيع تطوير وإطلاق قاآن، تغيرت نظرتهم إلى حد ما. هم الآن يبدون استعدادًا لتوفير طائرات F-35 ومع ذلك، لم تحدث أي تطورات ملموسة حتى الآن”. وأعاد غولر تأكيد طلب تركيا استعادة حصتها في الإنتاج ضمن برنامج F-35.
عودة تركيا إلى البرنامج مشروطة بالامتثال الكامل لمتطلبات قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، بما في ذلك الإزالة الكاملة لمنظومة S-400 الروسية من الأراضي التركية وتقديم ضمانات موثوقة بأنها لن تحصل أو تستقبل أي أنظمة دفاع جوي روسية مستقبلاً.
حتى يتم تحقيق هذه الشروط، يُمنع البنتاغون الأمريكي من نقل طائرات F-35 أو أي معدات دعم أو أجزاء أو ملكية فكرية أو بيانات تقنية إلى تركيا. كما يتطلب أي عودة إلى البرنامج شهادة مشتركة من وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين إلى لجان الكونغرس تؤكد الامتثال لهذه الشروط.
وخلال كلمته أمام البرلمان، كشف وزير الدفاع غولر عن تفاصيل جديدة بشأن المنظومة الروسية قائلا: “المواقع التي سننشر فيها منظومات أس 400 حددناها بالفعل. كما انتهينا من البنية التحتية اللازمة، بما في ذلك المنشآت تحت الأرض. بمجرد صدور الأمر، سننقل المنظومات إلى المواقع المحددة، وستكون المنظومة جاهزة للتشغيل الكامل في غضون 12 ساعة تقريبًا”.
وأضاف: “كما تعلمون، هذه منظومة دفاع جوي. وهذا يعني أننا لن نستخدم المنظومة الروسية إلا في حال حدوث تهديد كبير جدًا، وخاصة هجوم جوي”.
في ظل الظروف الحالية، يتعين على تركيا اتخاذ خطوات ملموسة للامتثال لمتطلبات قانون تفويض الدفاع الوطني أو الاعتماد على تشريع أمريكي جديد يسمح بتجاوز هذه القيود، غير أن أنقرة لم تتخذ حتى الآن أي إجراءات ملموسة فيما يتعلق بمنظومة الدفاع الروسية.