حققت تركيا إنجازًا بارزًا في قطاع الطاقة المتجددة، حيث تضاعفت قدرتها الإنتاجية من الطاقة الشمسية لتتجاوز 18 جيجاواط خلال عامين ونصف فقط، متجاوزة بذلك هدفها المحدد لعام 2025 قبل 18 شهرًا، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة “إمبر” (Ember) ومقره لندن، نُشر يوم الثلاثاء.
ساهم تعديل تنظيمي رئيسي أُقر في أغسطس 2022 في تسريع هذا النمو، إذ سمح ببناء محطات طاقة شمسية في مناطق توزيع مختلفة عن مواقع استهلاكها. وقبل هذا التغيير، استغرق مضاعفة قدرة تركيا الشمسية 51 شهرًا، بينما تحقق ذلك بعد التعديل في 30 شهرًا فقط.
وأشار التقرير إلى أن النمو السريع جاء مدفوعًا بشكل أساسي بالمشروعات غير المرخصة والمخصصة للاستهلاك الذاتي، والتي شكّلت ما يقرب من 90% من السعة الجديدة منذ عام 2022. وقد أتاح إلغاء القيود المفروضة على مواقع المنشآت الشمسية للشركات إمكانية بناء محطات خارج مناطق استهلاكها، مما مكّنها من تعويض تكاليف الكهرباء عبر نظام القياس الصافي والاستفادة من الإعفاءات الضريبية والتخفيضات على ضريبة القيمة المضافة.
دور الحوافز الحكومية وتراجع تكاليف الإنتاج
دفع ارتفاع تكاليف الطاقة العديد من الشركات إلى الاستثمار في الطاقة الشمسية لتقليل اعتمادها على المصادر التقليدية، خاصة مع تقديم الحكومة التركية حزمًا تحفيزية متنوعة تشمل الإعفاءات الضريبية، والدعم المالي بأسعار فائدة مخفضة، وإعفاءات من الرسوم الجمركية.
كما ساعد انخفاض تكاليف تصنيع الألواح الشمسية وتخزين الطاقة في جعل هذه الاستثمارات أكثر جاذبية للمستثمرين، بحسب خبراء الطاقة.
التحديات المقبلة: قيود على الحوافز واستقرار الشبكة
رغم الحوافز الحكومية المستمرة، أعلنت وزارة الطاقة أنه اعتبارًا من سبتمبر 2024، ستقتصر هذه الامتيازات على المشاريع التي تستخدم ألواحًا شمسية مصنّعة محليًا.
أما بالنسبة للمشروعات المرخصة، فهي تستفيد من بعض الحوافز الضريبية لكنها لا تحصل على الامتيازات الممنوحة للمشاريع غير المرخصة. ومع ذلك، يمكن لبعض المطورين في هذه الفئة الحصول على اتفاقيات شراء طاقة مدعومة من الحكومة لتعزيز جدوى استثماراتهم.
التوسع في الطاقة المتجددة وتأثيره الاقتصادي
ساهم التوسع السريع في الطاقة الشمسية في توفير 5.4 مليار دولار من تكاليف واردات الغاز الطبيعي خلال العامين ونصف الماضيين، بينما ساهمت مشروعات الرياح والطاقة الشمسية مجتمعة في تجنّب إنفاق 15 مليار دولار على شراء الوقود الأحفوري، وفقًا لتقرير “إمبر”.
ومع ذلك، تسببت هذه الزيادة السريعة في توليد الكهرباء في ضغط على شبكة الطاقة، مما دفع وزارة الطاقة إلى الإعلان عن مشروع ضخم لبناء ممر كهربائي عالي الجهد بسعة 40,000 ميجاواط، بتكلفة تُقدّر بحوالي 108 مليارات دولار، لتحسين كفاءة توزيع الطاقة.
أهداف طموحة لمستقبل الطاقة المتجددة
رفعت تركيا هدفها في قطاع الطاقة المتجددة لعام 2035 إلى 120 جيجاواط من السعة المركبة، تشمل53 جيجاواط من الطاقة الشمسية،29.6 جيجاواط من طاقة الرياح.
لكن رغم النجاح في التوسع السريع في الطاقة الشمسية، فإن مشروعات طاقة الرياح لا تزال متأخرة، حيث لم تُضَف سوى 770 ميجاواط من الطاقة الريحية في 2024، ما رفع إجمالي القدرة إلى 12.5 جيجاواط، وهو أقل من الهدف السنوي البالغ 13.3 جيجاواط الذي حددته وزارة الطاقة.
الخبراء: تركيا قادرة على تسريع التحول نحو الطاقة المتجددة
علّق باهادر سركان غوموش، كبير محللي الطاقة في مركز “إمبر” ومعدّ التقرير، قائلاً: “تجاوز تركيا لهدفها في الطاقة الشمسية لعام 2025 قبل الموعد المحدد هو دليل على نجاح التعديلات السياسية التي أجرتها الحكومة.”
وأضاف: “التسارع الكبير في تبنّي الطاقة الشمسية يُظهر أن تركيا قادرة على توسيع قدرتها في مجال الطاقة المتجددة بوتيرة أسرع، إذا توفرت الحوافز المناسبة. ومع ذلك، فإن تحقيق الأهداف المستقبلية يتطلب تحديث شبكة الكهرباء وإجراء تعديلات تنظيمية إضافية”.