أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن مسؤول تركي، أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، سيزور تركيا يوم الجمعة لمناقشة التطورات الأخيرة في سوريا، عقب الإطاحة المفاجئة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وقال المسؤول: “سيكون في تركيا يوم الجمعة”، مشيراً إلى أن تفاصيل الزيارة سيتم الكشف عنها لاحقاً “مع استكمال الترتيبات”.
وتأتي هذه الزيارة في ظل تحول مفاجئ في الوضع السوري بعد أكثر من عقد من محاولات واشنطن الابتعاد عن التدخل المباشر في الصراع السياسي في سوريا، حيث كانت ترى غياب أي شريك حقيقي على الأرض، إلا أن الهجوم السريع الذي شنّه المتمردون بقيادة الإسلاميين دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه سوريا.
القوات الأمريكية في سوريا ودورها
منذ عام 2014، تنتشر نحو 900 جندي أمريكي في سوريا يعملون بالتنسيق مع قوات يقودها الأكراد، والتي لعبت دوراً محورياً في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في شمال شرق سوريا. ومع ذلك، أثار الدعم الأمريكي لهذه القوات خلافات عميقة مع تركيا، التي تعتبر هذه المجموعات الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور الذي يقود منذ عقود حرباً دموية ضد الدولة التركية، ما يجعل أنقرة ترى في دعم واشنطن للقوات الكردية تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
تحولات السياسة الأمريكية في سوريا
على مدى السنوات الماضية، التزمت واشنطن بسياسة النأي بنفسها عن التعقيدات السياسية في سوريا، مُرجِعة ذلك إلى عدم وجود شريك موثوق يمكن الاعتماد عليه لتحقيق استقرار دائم، إلا أن التطورات الأخيرة، المتمثلة في الإطاحة المفاجئة ببشار الأسد وصعود المتمردين الإسلاميين، دفعت الإدارة الأمريكية إلى إعادة تقييم أولوياتها ومواقفها في المنطقة.
زيارة بلينكن إلى تركيا تأتي في توقيت حساس للغاية، حيث تواجه واشنطن تحدياً كبيراً يتمثل في تحقيق توازن دقيق بين دعمها المستمر للقوات الكردية الشريكة في محاربة الإرهاب، والحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع أنقرة، التي تُعد حليفاً رئيسياً لها في حلف شمال الأطلسي الناتو.
هذه الزيارة قد تسهم في صياغة استراتيجية أمريكية جديدة في سوريا، تأخذ بعين الاعتبار التحولات الأخيرة على الأرض، بالإضافة إلى التوترات القائمة بين أنقرة وواشنطن بسبب اختلاف أولوياتهما ومصالحهما في المنطقة.
زيارة بلينكن المرتقبة لتركيا ليست مجرد لقاء دبلوماسي روتيني، بل تعكس حاجة ملحة لبحث التطورات المتسارعة في سوريا وكيفية التعامل معها، في ظل تداخل المصالح والتحالفات الإقليمية والدولية. الولايات المتحدة تجد نفسها الآن أمام اختبار معقد يستدعي تنسيقاً دقيقاً مع شركائها في المنطقة، وعلى رأسهم تركيا، لضمان استقرار المنطقة دون الإضرار بمصالحها الاستراتيجية.