أفاد موقع إخباري تركي أن ناشطين تعرضوا للاعتقال بعد احتجاجهم على الرئيس رجب طيب أردوغان متهمين إياه بـ”الاستمرار في التجارة مع إسرائيل” رغم الحظر الرسمي، وجهوا رسائل تحدٍ من داخل السجن تدعو إلى العدالة والتضامن مع فلسطين.
اعتقلت السلطات التركية تسعة محتجين في أعقاب اعتراضهم على خطاب أردوغان في منتدى TRT World بإسطنبول الأسبوع الماضي، وأرسلتهم إلى سجني سيليفري ومتريس في المدينة. ركزت احتجاجاتهم على اتهامات بأن تركيا تسهل شحنات النفط الخام وغيرها من التجارة إلى إسرائيل، على رغم الادعاءات العلنية بفرض حظر في مايو ردًا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
خلفية الأحداث
في أعقاب هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1,200 إسرائيلي وأسر 251 رهينة، شنت إسرائيل حملة عسكرية مكثفة على غزة، مما أفضى إلى مقتل أكثر من 40,000 فلسطيني – معظمهم من النساء والأطفال وفقًا لوزارة الصحة في غزة – وإلى إدانة دولية واسعة النطاق، وقد كررت تركيا إداناتها للعمليات الإسرائيلية في غزة.
رسائل التحدي من السجن
وفقا لخبر موقع “آرتي جيرتشاك” الإخباري التركي، قام الصحفي الاستقصائي متين جيهان بمشاركة تصريحات المعتقلين على وسائل التواصل الاجتماعي، مما عزز دعوتهم لتحقيق العدالة واستمرار المقاومة.
كتبت شيما يلدريم، وهي أحد المحتجين على أردوغان، من سجن سيليفري: “أنا فخورة بوجودي هنا من أجل القضية الفلسطينية. أثق بأن أنصار فلسطين في الخارج سيواصلون النضال.” بينما قالت المحامية الشابة سنا إليكوتشوك، المعتقلة أيضًا في سيليفري: “بصفتي محامية في بداية مسيرتي، من المؤسف أن أشهد هذا التجاهل للعدالة. نفخر بقول الحقيقة. أناشد نقابة المحامين والمحامين المدافعين عن حقوق الإنسان وجميع أصدقاء فلسطين أن يكونوا صوتنا.”
ومن سجن متريس، دعا أمره تكينكايا إلى مقاومة مستمرة ضد الصهيونية وحلفائها قائلا: “رغم الظلم والتهديدات وجميع الاتهامات السلبية، يجب أن نواصل الكفاح ضد الصهيونية والمتعاونين معها. لا ينبغي أبدًا أن ننسى القمع في فلسطين أو نتوقف عن الحديث عنه”، على حد قوله.
أما جاهد، أحد المعتقلين في متريس أيضًا، فقد أشار إلى هدفهم قائلاً: “كل ما أردناه هو وقف الإبادة الجماعية في غزة ومنع إرسال أي شيء إلى إسرائيل عبر أراضينا. يجب أن نتذكر أن شركة SOCAR الأذرية ترسل النفط إلى إسرائيل عبر أراضينا. أردنا وقف هذا فقط، وكان هذا هو هدفنا.”
انتقادات للاعتقالات
أثارت الاعتقالات انتقادات واسعة، بما في ذلك من بولنت آرينتش، أحد الأعضاء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية (AKP) والرئيس السابق للبرلمان، إذ أدان قرار اعتقال المحتجين، مشيرًا إلى أنه يقوض الثقة في النظام القضائي.
وكتب آرينتش على منصة إكس: “مثل هذه الإجراءات تترك آثارًا سلبية على الذاكرة المجتمعية وتقوض الثقة في نظام العدالة لدينا. حتى لو كان هناك جريمة مزعومة، فهناك العديد من التدابير القضائية التي يمكن اتخاذها بدلاً من الاحتجاز. اللجوء إلى السجن في حالة بسيطة كهذه لا يتناسب مع العدالة الجنائية ولا مع علم الاجتماع.”
وأكد أيضًا أن الاحتجاجات ضمن الحدود القانونية يجب أن تُعتبر أمرًا طبيعيًا، مضيفًا: “يجب أن تتحلى الدولة برؤية أوسع تأخذ في الاعتبار التداعيات المجتمعية الأكبر لهذه الحوادث. ورغم إيماني بأن موقف الحكومة تجاه فلسطين صادق وشفاف، إلا أنه يجب احترام الآراء المعارضة وعدم مواجهة الاحتجاجات بالتهديد بالعقاب.”
خلفية الاحتجاجات
جاءت احتجاجات النشطاء خلال خطاب أردوغان في منتدى TRT World في 29 نوفمبر، حيث كان يتناول القضايا الدولية تحت شعار “عالم عند نقطة الانهيار: إدارة الأزمات والتحولات”، ليتهم حينها المحتجون الحكومة بالنفاق، مرددين شعارات مثل: “لماذا يُرسل النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل؟” و”أوقفوا تمويل الإبادة الجماعية.”
تستند اتهاماتهم إلى تحقيقات حديثة أظهرت استمرار شحنات النفط الخام من ميناء جيهان التركي إلى إسرائيل رغم الحظر، مما يوفر للدولة التركية دخلاً هي في حاجة ماسة إليه.
من جانب آخر، نظم المتضامنون مع فلسطين عمليات احتجاج في جميع أنحاء تركيا، واحتشد أمس المئات في ميدان مسجد سلطان أحمد بمدينة إسطنبول احتجاجا على اعتقال زملائهم جراء مطالبتهم بقطع التجارة مع إسرائيل.
كما أن خمسة أشخاص تعرضوا للاعتقال بسبب احتجاجهم على اعتقال 9 محتجين على أردوغان في قصر شاغلايان للعدل بمدينة إسطنبول أيضًا، مما أدى إلى اندلاع شجار بين المحتجين وأنصار أردوغان في ممرات المحكمة.