أعلن نادي فنربهتشه التركي، أحد أعرق أندية كرة القدم في البلاد، عن توقيع اتفاقية رعاية تاريخية مع شركة الزبادي الأمريكية العملاقة تشوباني، بقيمة لا تقل عن120 مليون يورو على مدار 10 سنوات، لتُعد بذلك الصفقة الأكبر في تاريخ الرياضة التركية.
وبموجب الاتفاق، تحصل شركة “تشوباني” على حقوق تسمية الملعب التابع للنادي، بالإضافة إلى رعاية قمصان الفريق خلال المنافسات الأوروبية. وابتداءً من موسم 2026/2025، سيُعاد تسمية الاستاد إلى “استاد تشوباني – مجمع فنربهتشه شوكرو سراج أوغلو الرياضي“، مع ظهور شعار الشركة على قمصان الفريق في البطولات الأوروبية.
تفاصيل الصفقة: أرقام قياسية وترتيبات طويلة الأمد
وفقًا للبيان الرسمي، ستدفع شركة “تشوباني“ 10 ملايين يورو سنويًا مقابل حقوق التسمية لمدة5 سنوات قابلة للتجديد لخمس أخرى، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 4 ملايين يورو سنويًا لرعاية القمصان ضمن عقد يمتد لعامين مع خيار التمديد لثلاثة مواسم إضافية، اعتمادًا على مشاركة الفريق في البطولات الأوروبية. ويُتوقع أن تصل العائدات السنوية للنادي إلى 14 مليون يورو على الأقل.
رئيس النادي، علي كوتش، وصف الاتفاق بأنه “من بين أعلى صفقات الرعاية في أوروبا”، مؤكدًا أن النادي بات يقترب من تحقيق استقلاله المالي. من جانبه، عبّر المدير التنفيذي لـ”تشوباني“، حمدي أولوكايه، عن حماسه للتعاون قائلًا: “نحن شركاء في نفس الطريق مع مشجعي فنربهتشه… لن نكون مجرد شعار، بل حاضرون في كل خطوة“.
استقبال سياسي رفيع المستوى
وبحسب وكالة الأناضول الرسمية، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع أولوكايه في اجتماع مغلق في القصر الرئاسي، في اليوم ذاته لإعلان الصفقة، في مؤشر على الأهمية الاقتصادية والسياسية التي تحملها هذه الشراكة.
انتقادات قومية وخلفية كردية مثيرة للجدل
لكن الصفقة، وعلى الرغم من قيمتها التاريخية، أثارت موجة من السخط القومي على خلفية الأصول الكردية لحمدي أولوكايه وتصريحاته السابقة بشأن القضية الكردية.
ففي مقابلة مع شبكة CNN عام 2015، قال أولوكايه: “غادرت تركيا لأنني كردي، وكنت جادًا في الدفاع عن الحقوق الكردية“، وهو تصريح أعيد تداوله بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن الصفقة.
كما أشار منتقدون إلى تبرعه بمبلغ مليوني دولارللاجئين الأكراد من مدينة كوباني السورية عام 2014، خلال حصار المدينة من قبل تنظيم داعش، وهو ما ربطه البعض بـ”دعم غير مباشر” لجماعات على صلة بحزب العمال الكردستاني.
انتقادات من اليمين المتطرف
زعيم حزب النصر (ZP) اليميني المتطرف، أوميت أوزداغ، كتب عبر منصة إكس: “هذا الشخص الذي روج للزبادي التركي في أمريكا تحت اسم ‘الزبادي اليوناني’، واتهم تركيا باستخدام خطاب حزب العمال الكردستاني، أصبح الآن راعيًا لفنربهتشه… قبل تنفيذ هذا القرار، يجب التصويت عليه من قِبل جماهير النادي.”
الجدل اللغوي: “الزبادي اليوناني” في منتج تركي الأصل
ومن بين الانتقادات الموجهة لأولوكايه أيضًا، اعتماد شركته تسمية “الزبادي اليوناني“ (Greek Yogurt) على منتجات تُشبه الزبادي المصفى التركي التقليدي، ما أثار غضبًا لدى بعض القوميين الأتراك الذين اعتبروا ذلك “سلبًا للهوية الغذائية التركية“.
من هو حمدي أولوكايه؟
وُلد أولوكايه عام 1972 في ولاية أرزينجان شرقي تركيا، وانتقل إلى الولايات المتحدة عام 1994، حيث أسس شركة تشوباني في 2005، والتي تحوّلت إلى واحدة من أنجح شركات الزبادي في العالم.
اليوم، تسيطر الشركة على20% من سوق الزبادي في أمريكا، بعائدات تتجاوز2 مليار دولار سنويًا. أولوكايه يشغل أيضًا رئاسة مجلس الأعمال التركي الأمريكي (USTBC)، ويُعرف بدوره في تشجيع الاستثمار العالمي في تركيا، وتقديم بلاده كمركز استراتيجي للوصول إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا الوسطى.
سياق سياسي: صفقات رياضية في زمن “السلام مع الكردستاني“
الصفقة تأتي في لحظة سياسية حساسة، حيث تُواصل الحكومة التركية محاولات جديدة لإنهاء الصراع المسلح مع حزب العمال الكردستاني، وسط تغيّر ملحوظ في خطاب بعض القوى القومية المتحالفة مع الحكومة.
في أكتوبر 2024، أطلق زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، مبادرة لدفع زعيمالعمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى إصدار نداء لحل النزاع، وهو ما تحقق فعليًا في فبراير، حين أصدر أوجلان بيانًا يدعو إلى وقف التمرد.
وفي 11 يوليو 2025، نظّم 30 مقاتلًا من العمال الكردستاني مراسم رمزية في السليمانية قاموا خلالها بتسليم أسلحتهم علنًا، في أول خطوة معلنة نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ أربعة عقود.
وقد شكّل البرلمان التركي مؤخرًا لجنة مكوّنة من 51 نائبًا من مختلف الأحزاب لمتابعة هذه الجهود ودراسة سبل التحوّل نحو حل سياسي وقانوني دائم.

