أفاد النائب دينيز دمير، عضو حزب الشعب الجمهوري (CHP) المعارض في تركيا، بأن تكلفة إنتاج العملة المعدنية من فئة 1 ليرة تركية قد تجاوزت 3 ليرات، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المعادن المستخدمة في سك النقود.
ويعكس هذا الوضع التداعيات الاقتصادية الناجمة عن التضخم المتزايد وانخفاض قيمة العملة التركية.
ارتفاع تكلفة الإنتاج والضغوط التضخمية
أوضح دمير أن تكلفة سك العملة المعدنية من فئة 1 ليرة وصلت إلى 3.16 ليرة، بسبب ارتفاع أسعار المعادن مثل النحاس والنيكل والزنك. وللحد من ارتفاع التكاليف، اتجهت السلطات إلى تقليل وزن العملات المعدنية، حيث انخفض وزن العملة من فئة 1 ليرة من 8.2 غرام إلى 6.6 غرام، في حين انخفض وزن العملة من فئة 50 قرشًا من 6.8 غرام إلى 5.5 غرام، مما ساهم في تقليل تكلفة الإنتاج بنسبة تصل إلى %30.
تآكل القدرة الشرائية للعملة
التضخم المستمر أدى إلى تآكل كبير في القوة الشرائية للعملة التركية، حيث وصلت أسعار الخبز إلى نحو 15 ليرة، مما جعل الفئات النقدية الصغيرة عديمة الفائدة. وفي هذا السياق، صرّح دمير بأن العملات المعدنية مثل 1 ليرة و50 قرشًا “فقدت قيمتها تمامًا”.
على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف دمير عن تفاصيل إضافية تشير إلى أن تكلفة سك العملة المعدنية من فئة 25 قرشًا تبلغ 1.86 ليرة، بينما تصل تكلفة سك العملة من فئة 50 قرشًا إلى 2.63 ليرة.
تحديات البنية التحتية للنظام النقدي
تتجاوز التحديات النقدية في تركيا العملات المعدنية لتشمل الأوراق النقدية أيضًا. فقد وردت تقارير تفيد بتعرض أجهزة الصراف الآلي (ATM) لضغوط بسبب التعامل مع كميات ضخمة من الفئات النقدية الصغيرة. ورغم المطالب بإصدار فئات نقدية أكبر مثل 500 ليرة و1,000 ليرة، ترفض الحكومة ذلك، إذ يرتبط هذا القرار بسياسة الرئيس رجب طيب أردوغان الرامية إلى الحفاظ على رمزية استقرار العملة، بعد إلغاء ستة أصفار من الليرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
أزمة اقتصادية متفاقمة
تشير الإحصاءات إلى انخفاض قيمة الليرة بنسبة تقارب 700% منذ أغسطس 2018، مع تجاوز سعر الصرف 35 ليرة مقابل الدولار الأمريكي في 18 ديسمبر.
يستمر التضخم في تشكيل عبء ثقيل على المستهلكين، حيث تشير تقديرات مستقلة إلى أن معدل التضخم الحقيقي بلغ 86.7% في نوفمبر الماضي. كما أجبرت الظروف الاقتصادية الصعبة الشركات على تبني معايير محاسبية خاصة بالتضخم المفرط.
تشكل هذه الأزمات النقدية انعكاساً لأزمة اقتصادية أعمق تواجه تركيا، حيث يهدد التضخم والهبوط المستمر في قيمة العملة الاستقرار المالي، ما يفرض تحديات كبيرة أمام الحكومة لإيجاد حلول مستدامة في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة.