رغم النداءات المتكررة من أسرته ومنظمات حقوقية وسياسيين، فارق المعتقل المريض إبراهيم غونغور، البالغ من العمر اثنين وسبعين عامًا، الحياة في الساعات الأخيرة داخل قسم العناية المركزة بمستشفى مدينة إزمير، بعد نقله من سجن منمن، حيث يقبع بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة.
وفاة غونغور أعادت الجدل حول ملف السجناء المرضى في تركيا، وسط اتهامات للسلطات القضائية بعدم الاستجابة للمطالب الإنسانية بالإفراج الصحي.
تدهور صحي انتهى بالموت
نُقل غونغور قبل عشرة أيام من سجن منمن إلى مستشفى مدينة إزمير، بعد إصابته بالتهاب رئوي حاد، حيث وُضع في العناية المركزة. وتعود بداية أزمته الأخيرة إلى الخامس والعشرين من تموز، حين أصيب بعدوى جرثومية نتيجة أنبوب تغذية، مما استدعى نقله للمستشفى للمرة الأولى وبقائه هناك عشرين يومًا قبل أن يُعاد إلى السجن. لكن حالته الصحية ساءت مجددًا نهاية آب، إذ أصيب بفشل تنفسي وارتفاع شديد في الحرارة، ليتم نقله مرة أخرى إلى المستشفى في التاسع والعشرين من الشهر ذاته.
النداءات الإنسانية والخذلان الرسمي
أسرة غونغور، وعلى رأسها ابنته رُميْسة، طالبت مرارًا بالإفراج عنه بسبب وضعه الصحي الحرج. وقالت ابنته في تصريح أخير إنها لم تستطع التحدث معه في آخر زيارة، إذ كان فاقدًا للوعي ولا يفتح عينيه، مشيرة إلى أن العائلة لم تتمكن من البقاء إلى جانبه في ساعاته الأخيرة.
وكان النائب الحقوقي من صفوف حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي عمر فاروق جرجرلي أوغلو وعدد من النشطاء قد وجهوا مناشدات مباشرة إلى وزير العدل يلماز تونج للمطالبة بإطلاق سراحه، إلا أن هذه النداءات لم تجد استجابة.
مأساة عائلية مضاعفة
المأساة لم تقتصر على فقدان الأب، إذ تقبع ابنته الأخرى، سُؤدى غونغور، رهن الاعتقال، بنفس التهمة، الصلة بحركة الخدمة، منذ ثلاثة أشهر في سجن شكران بإزمير، ما زاد من معاناة العائلة.
الاتهامات: “تهمة التبرع والحديث الديني“
غونغور كان يشغل منصب مدير شؤون الطلبة في جامعة غيديز بإزمير، التي أغلقت بمرسوم حكومي عقب محاولة الانقلاب عام 2016. اعتُقل للمرة الأولى مطلع عام 2019، وحوكم بتهم تتعلق بتنظيم لقاءات دينية في منزله، وتشجيع الطلاب على المشاركة فيها، بالإضافة إلى جمع تبرعات للمنح الدراسية.
اعتمدت المحكمة على شهادات بعض الأشخاص الذين أكدوا أنهم حضروا لقاءات في منزله، وقرأوا هناك من مؤلفات العلامة بديع الزمان سعيد النورسي والراحل فتح الله كولن. وبناءً على ذلك، صدر بحقه حكم بالسجن ثماني سنوات وشهر واحد.
بعد عشرة أشهر قضاها في السجن أُفرج عنه، إلا أنه خضع لعملية جراحية عام 2022 بسبب إصابته باستسقاء دماغي استدعى تركيب جهاز “شَنت”. ومع معاناته من الزهايمر والسكري وتضخم البروستاتا، تدهورت حالته تدريجيًا. ورغم ذلك، صادقت محكمة التمييز على الحكم الصادر بحقه، ليُعاد اعتقاله في كانون الأول 2024.
جدل حول تقارير الطب العدلي
رغم وضوح تدهور وضعه الصحي وفقدانه القدرة على التمييز حتى مع أبنائه خلال الزيارات، أصدرت مؤسسة الطب العدلي تقريرًا يفيد بأن غونغور “يمكنه البقاء في السجن”، وهو ما أثار انتقادات حقوقية واسعة بشأن توظيف التقارير الطبية في سياقات سياسية.

