في ظل تصاعد الانتقادات والاحتجاجات حول نقل النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل من ميناء جيهان جنوب تركيا، وصفت وزارة الطاقة التركية هذه الادعاءات بأنها “بلا أساس”، وأكدت عدم حدوث أي شحنات من هذا النوع من الميناء، التزاماً بالحظر التجاري الذي فرضته تركيا على إسرائيل في وقت سابق من هذا العام.
وقد تعرضت الحكومة التركية، التي تعتبر من أشد المنتقدين لإجراءات إسرائيل في غزة، لانتقادات لاذعة واتهامات بالنفاق لقيامها بتسهيل تدفق النفط الخام الأذربيجاني إلى إسرائيل عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان (BTC)، رغم فرضها حظرًا تجاريًا على إسرائيل في مايو بسبب “جرائم حرب ترتكبها إسرائيل في غزة”.
وفي بيان خطي أصدرته الوزارة يوم الاثنين، أوضحت أن خط أنابيب جيهان، الذي أُنشئ بموجب اتفاقية دولية وقعت في نوفمبر 1999 بين تركيا وأذربيجان وجورجيا، يُدار من قبل شركة خطوط الأنابيب التركية الحكومية (BOTAŞ) فيما يتعلق بالجزء التركي من الخط بموجب اتفاق تشغيلي مع شركاء جيهان.
تُلزم الاتفاقية تركيا بضمان استمرار تدفق النفط عبر خط جيهان بغض النظر عن التطورات الإقليمية. وقد تعرضت شروط الاتفاقية لانتقادات بسبب تقديم الأولوية للتجارة النفطية على حساب حقوق الإنسان والسيادة الوطنية. ويُعرف عن خط جيهان أنه يمد إسرائيل بنحو 40% من استهلاكها السنوي من النفط الخام.
وجاء في البيان: “شركة بوتاش ليس لها أي دور أو سلطة على بيع النفط المنقول عبر الخط”، وأضاف أن “الاتهامات” حول شحنات نفط من جيهان إلى إسرائيل “بلا أساس على الإطلاق”.
كما أكدت الوزارة أن “الشركات التي تنقل النفط عبر خط أنابيب جيهان للتصدير إلى الأسواق العالمية من محطة حيدر علييف (اسم الميناء في جيهان)، قد احترمت قرار تركيا بعدم التعامل التجاري مع إسرائيل”، وتابعت: “لم تحدث أي عمليات تسليم إلى إسرائيل كوجهة نهائية”.
ومع ذلك، أشار الصحفي الاستقصائي متين جيهان، المعروف بنشره تفاصيل عن التجارة المستمرة لتركيا مع إسرائيل رغم إدانتها العلنية لها، إلى أن البيان الصادر عن الوزارة جاء بشكل متسرع وسيسهم في تصعيد الجدل حول تجارة تركيا مع إسرائيل ويزيد من تراجع الثقة في الحكومة بشأن صدقها.
وقال جيهان على منصة X إن بيان الوزارة ينفي تدفق النفط إلى إسرائيل من ميناء جيهان، لكنه لا ينفِي وجود تدفقات من موانئ أخرى في تركيا.
واستناداً إلى مصادر علنية، ادعى جيهان أن تركيا تستمر في تزويد إسرائيل بالنفط الأذربيجاني من موانئ أخرى في البلاد، مثل ميناء “ألياغا” في محافظة إزمير، حيث تمتلك شركة (SOCAR) الأذربيجانية، أكبر مزود للنفط لإسرائيل، محطتها الخاصة. وأضاف جيهان أن ميناء إزميت شمال غرب تركيا أيضاً من بين الموانئ التي يتم من خلالها نقل النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل.
وأشار جيهان إلى أن بيان الوزارة لم يذكر أن تركيا تتلقى عمولة قدرها 80 سنتًا لكل برميل نفط يتم نقله من ميناء جيهان إلى دول أخرى، بما فيها إسرائيل.
وقال جيهان معبراً عن عدم ثقته في بيان الوزارة: “شركات توريد النفط الإسرائيلية لا تنقل النفط منّا، احتراماً لنا. الوزارة تقصد أن الحظر التجاري لا ينطبق عليهم، وأنهم كان بإمكانهم القيام بذلك إذا أرادوا، لكنهم لم يفعلوا. ويتوقعون منا أن نصدق هذا.”
ويأتي بيان الوزارة في وقت تتزايد فيه الدعوات للاحتجاج ضد تركيا وأذربيجان بسبب سماحهما بتدفق النفط إلى إسرائيل باعتبارهما “شريكين” في إزهاق أكثر من 43,000 روح والتسبب في دمار هائل في غزة. وقد دعا نشطاء مؤيدون لفلسطين إلى هذه الاحتجاجات لعدة أشهر، لكنهم غالباً ما يواجهون إجراءات من الشرطة وأحياناً يتعرضون للاعتقال.
وكان من بين هذه الدعوات ما أصدرته الناشطة البيئية غريتا تونبرغ يوم الأحد، حيث دعت إلى تنظيم احتجاجات في السفارات التركية والأذربيجانية حول العالم احتجاجاً على شحنات النفط إلى إسرائيل.
وقالت تونبرغ إن الاحتجاجات ضرورية للمطالبة بوقف تدفق النفط عبر خط جيهان الذي يزوّد إسرائيل بطريقة غير مباشرة، واتهمت تركيا وأذربيجان بأنهما “شريكتان” في العنف الإسرائيلي.
في غضون ذلك، بدأ المتظاهرون المؤيدون لفلسطين بالتجمع في ساحة “بيازيد” في إسطنبول مساء الاثنين، شأنهم شأن مئات آخرين في أنحاء مختلفة من العالم، مطالبين تركيا بوقف “تمويل الإبادة” في فلسطين من خلال السماح بتوريد البضائع إلى إسرائيل عبر تركيا.