أطلقت النيابة العامة في إسطنبول تحقيقًا مع رئيس المجلس الاستشاري الأعلى لجمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك (TÜSİAD)، عمر أراس، بعد أن وجه انتقادات حادة للحكومة، وُصفت بأنها من أقوى الانتقادات العلنية التي صدرت عن الجمعية منذ سنوات.
وذكرت النيابة العامة أن التحقيق يستند إلى اتهامات تتعلق بـ”محاولة التأثير على محاكمة عادلة” و”نشر معلومات كاذبة على الملأ”، مشيرةً إلى أن تصريحات أراس تضمنت “ادعاءات مؤثرة حول بعض التحقيقات والملاحقات القضائية، بالإضافة إلى مزاعم كاذبة قد تضر بالسلم العام.”
انتقادات حادة من توسياد وتوتر مع الحكومة
تأتي هذه التطورات بعد أن وجّه كبار المسؤولين في جمعية توسياد خلال اجتماعها السنوي العام انتقادات لاذعة للحكومة، محذرين من تصاعد حالة عدم الاستقرار الاقتصادي، وتزايد التدخل السياسي في القضاء، وتراجع الديمقراطية في البلاد. وأعربت الجمعية عن قلقها المتزايد من أزمة الثقة بين المستثمرين ورجال الأعمال والرأي العام، مشيرة إلى تأثير هذه العوامل على بيئة الاستثمار في تركيا.
وفي كلمته، ركّز عمر أراس على تدهور الوضع الاقتصادي، والتراجع في استقلالية القضاء، وتآكل القيم الديمقراطية، محملاً النظام مسؤولية الكوارث الأخيرة، مثل حريق فندق كارتالكايا الذي أسفر عن مقتل 78 شخصًا، وحادث منجمي العام الماضي، فضلًا عن الخسائر الفادحة الناجمة عن زلزال 2023. وأكد أراس أن “هذه الحوادث ليست مجرد كوارث عرضية، بل هي نتائج نظام ينهار، حيث تُهمَل فيه معايير السلامة وتغيب المحاسبة.”
رد حكومي وتحذير من إجراءات قانونية
وفي رد فعل سريع، اعتبر وزير العدل التركي، يلماز تونتش، أن انتقادات جمعية توسياد محاولة للتأثير على القضاء والسياسة، مؤكدًا أن “دور منظمات المجتمع المدني لا ينبغي أن يتعارض مع روح الديمقراطية وسيادة القانون.” كما شدد على أن “لا أحد فوق الإرادة الوطنية”، متوعدًا باتخاذ “أشد الإجراءات القانونية” ضد أي محاولات للتدخل في شؤون القضاء.
إدانة من المعارضة وتصاعد التوترات
من جانبه، أدان رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزل، التحقيق مع أراس، معتبرًا أن هذه الخطوة تؤكد صحة انتقادات جمعية توسياد بشأن التدخل السياسي في القضاء، وأنها تمثل دليلًا على انحسار الحريات في البلاد.
يُذكر أن جمعية توسياد كانت في الماضي قوة مؤثرة في المشهد السياسي التركي، لا سيما في أوائل الألفية الجديدة، حيث كانت بياناتها تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه السياسات الحكومية. إلا أنه، منذ محاولة الانقلاب عام 2016 وما تبعها من حملة قمع واسعة ضد المجتمع المدني، تبنت الجمعية موقفًا أكثر حذرًا تجاه الحكومة، خشية التداعيات الاقتصادية والقانونية على رجال الأعمال المنتسبين إليها.
تحول في مواقف رجال الأعمال مع تفاقم الأزمة الاقتصادية
غير أن الانتقادات الحادة الأخيرة تعكس تزايد الاستياء داخل الأوساط الاقتصادية تجاه الوضع الراهن، مع تفاقم التضخم، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وازدياد الضغوط على الأسواق المالية. ويخشى العديد من الفاعلين في القطاع الخاص من أن استمرار سوء الإدارة قد يؤدي إلى أضرار طويلة الأمد على الاقتصاد التركي.
جمعية توسياد ذات التوجه العلماني هي الأخرى تعرضت لانتقادات حادة من قبل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، متهمين إياها بأنها التزمت الصمت عقدا كاملا على مصادرة ممتلكات المجموعات المعارضة، في مقدمتها ممتلكات رجال أعمال متعاطفين مع حركة الخدمة، وكل انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى في البلاد، ومن ثم بدأت ترفع عقيرتها لما شعرت بأن الدور جاء على مصادرة ممتلكات رجال أعمال تابعين لها.

