أعلنت وزارة التجارة التركية، يوم الجمعة، أنها تسعى لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع سوريا، في ظل انتقادات متزايدة لقرار الحكومة السورية الأخير بتوحيد التعريفات الجمركية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الرسوم المفروضة على الواردات القادمة من تركيا.
زيادة الرسوم الجمركية وتأثيرها على الحركة التجارية
في 11 يناير، أصدرت الهيئة العامة للنقل البري والبحري والجوي في سوريا قرارًا بتطبيق تعريفات جمركية موحدة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية.
ورغم أن الرسوم على بعض السلع انخفضت بنسبة تتراوح بين 50% و60%، إلا أن الرسوم على الواردات عبر المنافذ الشمالية، مثل معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، شهدت ارتفاعًا كبيرًا بلغ 500%.
هذا التغيير أثار قلق التجار والسكان، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ومستويات الفقر المرتفعة في سوريا، إذ يخشى الكثيرون أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
وقد شهدت مدينة سرمدا، المركز التجاري الرئيسي في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، احتجاجات تمثلت في إغلاق التجار لمحالهم اعتراضًا على الزيادة الكبيرة في الرسوم الجمركية.
كما أفادت وسائل التواصل الاجتماعي بارتفاع أسعار مواد أساسية مثل الإسمنت والحديد والطحين والبنزين.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
وفقًا للتقارير، ارتفعت الرسوم المفروضة على طن البنزين من 30 دولارًا إلى 210 دولارات، فيما زادت رسوم الطحين عشرة أضعاف، من 2 دولار إلى 20 دولارًا للطن الواحد. وقد تسبب ذلك في طوابير طويلة من الشاحنات تصل إلى ستة كيلومترات عند المعابر الحدودية، بعد توقف الشركات عن التبادل التجاري نتيجة لهذه الزيادات.
مواقف المسؤولين الأتراك والسوريين
في بيان نشرته الوزارة على منصة “إكس”، أشارت إلى أنها أجرت مشاورات مع الجانب السوري بشأن الرسوم الجمركية، وأن هناك اجتماعًا مرتقبًا بين الجانبين الأسبوع المقبل لمواصلة المباحثات، كما أكدت رغبة الطرفين في تنفيذ “اتفاقية تجارة حرة جديدة وشاملة”.
وفي سياق متصل، صرح جلال قاضي أوغلو، رئيس اتحاد المصدّرين، لموقع “Ekonomim” بأن زيادة الرسوم ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم في سوريا، ما سيزيد من معاناة السكان المحليين الذين يعانون من ضعف القوة الشرائية أساسًا، مضيفًا: “عملية صعبة تنتظر من يعيشون في سوريا”.
من جانبه، أعرب نهاد أوزدمير، الرئيس التنفيذي لشركة “ليماك القابضة” والمقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن استغرابه من هذا القرار، خصوصًا في ظل ما وصفه بـ”العلاقات الجيدة” بين تركيا والإدارة السورية الجديدة.
أهداف السياسة الجمركية الجديدة في سوريا
تأتي هذه التعديلات الجمركية بالتزامن مع إعادة فتح الاقتصاد السوري تدريجيًا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وتهدف السياسة الجديدة إلى تعزيز خزينة الدولة ودعم الصناعة المحلية، إلا أن الاحتجاجات والتوترات المتزايدة تشير إلى أن تطبيق هذه السياسة يواجه تحديات كبيرة داخل البلاد.
تأمل تركيا أن يسهم التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع سوريا في تخفيف هذه التوترات، وتحقيق مكاسب اقتصادية للطرفين، في الوقت الذي تستمر فيه الشركات التركية بالمشاركة في جهود إعادة الإعمار في سوريا.