شهدت صناعة بناء السفن في تركيا تراجعًا في صادراتها خلال عام 2024، وذلك نتيجة لارتفاع التكاليف وصعوبة الوصول إلى التمويل، بالإضافة إلى زيادة المنافسة العالمية.
ووفقًا لموقع “Ekonomim” (اقتصادي) الإخباري التركي، فقد انخفضت صادرات القطاع بنسبة 1.4 بالمئة، لتتراجع إلى 1.912 مليار دولار أمريكي.
ورغم ارتفاع الطلب العالمي على السفن المتخصصة لدعم التحول الأخضر نحو الحياد الكربوني، فإن أحواض بناء السفن التركية واجهت تحديات كبيرة خلال العام الماضي. وأكد “جم سيفين”، رئيس جمعية مصدري السفن واليخوت والخدمات، أن الانخفاض في الصادرات قد يزداد حدة في العام الجاري، مشيرًا إلى توقعات بتراجع نسبته تفوق 16 بالمئة.
ارتفاع التكاليف وفقدان الوظائف
يعاني القطاع من تزايد الخسائر في الوظائف، حيث انخفضت العمالة بنسبة تزيد عن 5 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ورغم الأداء المتميز الذي حققته أحواض بناء السفن التركية في عام 2023 بزيادة في الصادرات بنسبة 33 بالمئة لتصل إلى 1.940 مليار دولار، إلا أن التحديات المالية والتنظيمية أثرت سلبًا على قدرتها التنافسية.
وكانت تركيا قد تفوقت على الصين كأكبر مصنع عالمي لقوارب السحب (Tugboats)، مع الحفاظ على ريادتها في إنتاج سفن الصيد. كما أن الدول الإسكندنافية، لا سيما النرويج، تعتبر أحواض بناء السفن التركية خيارها المفضل لبناء سفن الصيد والمراكب المتخصصة مثل سفن صيد الكابوريا وسفن النقل البحري الحية المصممة للعمل في المضايق النرويجية.
التحديات التنظيمية والتمويلية
أحد أبرز التحديات التي يواجهها القطاع هو القرار الحكومي الصادر في 31 أكتوبر 2024، والذي ألغى إعفاء ضريبة القيمة المضافة على استيراد المعدات وتكاليف العمالة للسفن المخصصة للتصدير التي يقل طولها عن 24 مترًا، مما أدى إلى زيادة التكاليف وضعف القدرة التنافسية.
إضافة إلى ذلك، فرضت هيئة الرقابة المصرفية قيودًا على قروض الليرة التركية للمصدرين الذين يحتفظون بأكثر من 5 بالمئة من ميزانيتهم بعملات أجنبية. ونتيجة لذلك، اضطر القطاع إلى الاعتماد على القروض الأجنبية ذات التكلفة الأعلى، مما زاد من الضغوط المالية.
تفاصيل الصادرات لعام 2024
وفقًا للأرقام الصادرة لعام 2024، تصدرت سفن الشحن صادرات بناء السفن التركية بقيمة بلغت 481.5 مليون دولار. وكانت أكبر الأسواق المستهدفة هي جزر مارشال (168.5 مليون دولار)، تلتها روسيا (67 مليون دولار) والعراق (49.7 مليون دولار).
أما صادرات اليخوت، فقد ارتفعت بنسبة 8.52 بالمئة لتصل إلى 442 مليون دولار. وجاءت مالطا في مقدمة المشترين بقيمة 93.3 مليون دولار، تبعتها اليونان (85.4 مليون دولار) وإيطاليا (73.3 مليون دولار).
وفي المرتبة الثالثة، جاءت مبيعات سفن الصيد التي بلغت قيمتها 354 مليون دولار، حيث تصدرت النرويج هذه الفئة بطلبات بلغت 198.5 مليون دولار، تلتها كندا (59.3 مليون دولار) وألمانيا (57 مليون دولار).
خارطة الطريق لتحقيق النمو المستدام
أكدت خطة “العمل المستدام لصادرات قطاع بناء السفن واليخوت لعام 2023” على أهمية التركيز على بناء السفن الصديقة للبيئة والتقنيات المتقدمة لتعزيز التنافسية وضمان النمو المستدام.
وتهدف الخطة إلى أن تتصدر تركيا إنتاج القوارب الكهربائية والهجينة بحلول عام 2026، وسفن الوقود البديل بحلول عام 2030، مع الوصول إلى إنتاج خالٍ من الانبعاثات وتحقيق الريادة العالمية في السفن المتخصصة بحلول عام 2050.
وتشدد الخطة على ضرورة الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، مع إيلاء أهمية خاصة لرفاهية العمال وحماية البيئة، لضمان التغلب على تحديات القطاع وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.