أصدرت محكمة في إسطنبول، يوم الإثنين، قرارًا باعتقال آيشة (عائشة) بارم، مديرة مشاهير بارزة ومؤسسة شركة “ID Communications”، على خلفية اتهامات تتعلق بدورها المزعوم في تنظيم احتجاجات حديقة غيزي عام 2013، والتي كانت إحدى أكبر التحديات لحكم رجب طيب أردوغان حين كان رئيسًا للوزراء.
قررت السلطات توقيف بارم يوم الجمعة الماضي، حيث قامت الشرطة بتفتيش منزلها ومكتبها قبل اقتيادها إلى مديرية شرطة إسطنبول للتحقيق، بتهمة محاولة “الإطاحة بجمهورية تركيا أو منعها من أداء مهامها” باعتبارها إحدى “منظمي” الاحتجاجات، التهم التي نفتها بشكل قاطع.
صلات مزعومة مع شخصيات بارزة في القضية
وفقًا لبيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، أظهرت التحقيقات أن بارم كانت على “اتصال مكثف” مع عدد من المتهمين في قضية غيزي بارك، ومنهم رجل الأعمال عثمان كافالا المعتقل منذ عقد، ومنتجة الأفلام جِيغدم ماتر أتكو، والممثل مَمَت علي ألابورا.
كافالا، الذي يقبع في السجن منذ نوفمبر 2017، أدين بعدة تهم، منها التجسس وتمويل احتجاجات غيزي، بالإضافة إلى مشاركته المزعومة في محاولة انقلاب عام 2016، في حيت تمكن ألابورا، من الفرار من تركيا ويعيش في المنفى بعد استهدافه من قِبل مجموعات مؤيدة للحكومة.
أدوار بارم المزعومة في الاحتجاجات
ذكر بيان مكتب المدعي العام أن بارم ناقشت مع المتهمين بتنظيم الاحتجاجات المذكورة إصدار بيان لتشجيع الممثلين المرتبطين بشركتها على المشاركة فيها، بل أكد أنها شاركت شخصيًا في الاحتجاجات.
تحقيقات إضافية واستهداف سياسي؟
في يناير الجاري، فتحت السلطات تحقيقا آخر ضد بارم، بتهم تتعلق بـ”انتهاك حرية العمل” و”الابتزاز”، بعد استدعاء شخصيات معروفة للإدلاء بشهاداتهم، منهم الممثلة سيريناي ساريكايا، والممثل المسرحي نديم سابان، كما فرضت السلطات حظر سفر على بارم في 13 يناير.
تزامن اعتقال بارم مع انتقادات وجهتها مجموعات مؤيدة للحكومة اتهمتها بخلق “احتكار” في قطاع العلاقات العامة، بزعم أنه يتعارض مع مصالح بعض الفنانين وينتهك قواعد المنافسة. ودفعت هذه الاتهامات بعض المراقبين إلى القول بأن القضية تحمل دوافع سياسية تهدف إلى تشويه سمعتها في إطار مساعي حزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية، لتعزيز نفوذه في قطاعي الفنون والثقافة.
أردوغان ونفوذ الحكومة في الثقافة والفنون
أعرب الرئيس أردوغان عن خيبة أمله إزاء عدم قدرة حكومته على تحقيق نفوذ قوي في المجال الثقافي والفني، رغم إنجازاتها في مجالات أخرى، متعهدا باتخاذ خطوات لتحقيق هذا الهدف.
يتساءل المتابعون للشأن التركي ما إذا كانت هذه الاتهامات قانونية خالصة أو جزءًا من حملة أوسع لإحكام السيطرة على مجالات الفن والثقافة في تركيا، مما يعكس توترًا مستمرًا بين النخب الثقافية والحكومة.
انقلاب أم احتجاجات سلمية
يذكر أن أردوغان اعتبر أحداث “غيزي بارك” المجتمعية الواسعة في 2013 “انقلابًا” يستهدف الإطاحة به، على غرار أحداث ما سمي بـ”الربيع العربي”، رغم أنها بدأت في الأساس كاحتجاج سلمي على اعتزام أردوغان تحويل مناطق خضراء واسعة في الحديقة بمدينة إسطنبول إلى مراكز تجارية وثكنة عسكرية على الطراز العثماني. في حين ترى الأطراف المعارضة أن أردوغان يتذرع منذ عام 2013 بتلك الاحتجاجات لتنفيذ عمليات أمنية لتصفية كل خصومه المحتملين من السياسيين والمدنيين.