في تطور لافت، أفرجت السلطات التركية عن السياسي القومي المتشدد أوميت أوزداغ، زعيم حزب النصر (Zafer Partisi)، بعد قضاء148 يومًا في الحبس الاحتياطي، رغم صدور حكم قضائي بسجنه لمدة عامين وأربعة أشهر بتهمة “التحريض على الكراهية”.
وقد جاء قرار الإفراج استنادًا إلى فترة الاحتجاز التي قضاها، دون فرض أي تدابير رقابية كمنع السفر أو الإشراف القضائي.
خلفية التهم: خطاب سياسي أم تحريض؟
تعود القضية إلى تصريحات لأوزداغ في يناير 2024 وصفها الادعاء بأنها تحرض على الكراهية والعداء الاجتماعي “بشكل متسلسل عبر وسائل الإعلام”، بناءً على المادة 216 من قانون العقوبات التركي، وهي المادة نفسها التي طالما وُجهت ضد شخصيات معارضة. النيابة طالبت في البداية بعقوبة تصل إلى 7 سنوات و10 أشهر.
ورغم أن المحكمة أصدرت الحكم خلال جلسة في 17 يونيو بمحكمة سيليفري ذات الحراسة المشددة، إلا أنها أمرت بالإفراج الفوري، مما أثار تساؤلات حول التوقيت والسياق السياسي.
اتهامات إضافية: إهانة الرئيس
بالتوازي مع هذه القضية، يواجه أوزداغ تحقيقًا منفصلًا بتهمة إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان، بعد تصريحات شبه فيها سياسات الحكومة بحملات “الحروب الصليبية”. في حال الإدانة، قد يواجه حكمًا إضافيًا يصل إلى 4 سنوات و8 أشهر.
سياق سياسي متوتر: المعارضة في مرمى القضاء
تأتي هذه القضية في ظل تصاعد المخاوف بشأن تجريم الخطاب السياسي المعارض في تركيا. وقد اعتبر مراقبون أن اعتقال أوزداغ المطول وتأخر لائحة الاتهام يعكسان نزعة سياسية لقمع الأصوات المنتقدة، خصوصًا في ظل حساسية ملف اللاجئين السوريين وملف الأكراد.
وقد تضمنت لائحة الاتهام إشارات إلى منشورات أوزداغ على مواقع التواصل وخطاباته أثناء وبعد أحداث العنف ضد اللاجئين السوريين في محافظة قيصري. إلا أن المتهم نفى الاتهامات، مؤكدًا أنه دعا إلى التهدئة وأدان العنف.
رؤية أوزداغ: أكاديمي معارض أم محرض قومي؟
أوزداغ، الذي يحمل خلفية أكاديمية وكان مسؤولًا سابقًا في وزارة الداخلية، أسس حزب النصر عام 2021 بعد انشقاقه عن التيارات القومية التقليدية. الحزب، رغم قاعدته الانتخابية المحدودة، اكتسب شهرة واسعة بفضل خطابه الرافض للمهاجرين، واعتباره بديلاً قوميًا متشددًا للمعارضة التقليدية التي تتمثل أساسا في حزب الحركة القومية.
وخلال جلسات المحاكمة، دافع أوزداغ عن نفسه مؤكدًا أن تصريحاته تستند إلى “تحليل سياسي وبحث أكاديمي”، واتهم الحكومة بمحاولة تجريم المعارضة لسياسات الهجرة. وصرّح قائلاً: “أنا السياسي الوحيد في العالم الذي سُجن بسبب معارضته للهجرة غير القانونية.”
هل كان الاعتقال رسالة سياسية؟
قرار الإفراج عن أوزداغ بعد صدور الحكم، ومن دون شروط، فُسّر على نطاق واسع بأنه محاولة لاحتواء الغضب السياسي والمجتمعي، في وقت تتزايد فيه الانتقادات لسجل أنقرة في مجال الحريات العامة واستقلال القضاء.
لكن يبقى السؤال الأبرز: هل ما حدث مع أوزداغ سابقة تمهّد لمزيد من القمع، أم محاولة لإعادة التوازن في المشهد السياسي بعد الانتخابات؟

