توقعت د. منى سليمان المصرية المتخصصة في الشأن التركي أن “حركة الخدمة” ستكمل مسارها كما أوصى به قائدها الروحي فتح الله كولن، رغم التضييق عليها داخل وخارج تركيا من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
توفي فتح الله كولن، مؤسس حركة “الخدمة”، عن عمر ناهز 83 عامًا، في الولايات المتحدة، حيث عاش منذ 1999 بعد خلافه مع الحكومة التركية.
بعد رحيل كولن، يثير موضوع حركة الخدمة التي استوحت فكره، العديد من التساؤلات حول مصيرها وسط اتهامات السلطات التركية لها بالتورط في الانقلاب الفاشل عام 2016.
في المقال الذي نشره موقع “زمان التركية”، ذكرت الباحثة المصرية في العلوم السياسية د. منى سليمان أن حركة الخدمة بدأت كمبادرة تطوعية تهدف لتعزيز التعليم وبناء المجتمع من خلال إنشاء مدارس وجامعات، وصولاً إلى العمل الإغاثي والثقافي.
ونوهت بأن الحركة تهدف إلى تحقيق الخير للإنسانية بغض النظر عن الدين أو العرق، وتقوم على فكرة التطوع والتبرع من أفرادها، وقد تمكنت من الانتشار بفضل دعم المتطوعين، واستندت في عملها على مبدأ “الجميع يعطي”، ما ساهم في استقلالها عن التمويل الحكومي، على حد تعبيرها.
وفيما يتعلق بموقف الحكومة التركية من الحركة، أعادت الباحثة المصرية للأذهان أن الرئيس أردوغان ووزير العدل يلماظ تونتش أعلنا العزم على الاستمرار في ملاحقة الحركة وأفرادها على الرغم من وفاة قائدها الفكري فتح الله كولن، معقبة بقولها: يبدو أن السلطات التركية مصممة على محاصرة تأثير “الخدمة” في تركيا وعلى الصعيد الدولي، على الرغم من أن الحركة باتت الآن أكبر من أن تقتصر على شخص كولن، فهي تتمتع بوجود مستقل وانتشار عالمي”.
وأعربت الباحثة عن توقعاتها باستمرار حركة الخدمة بعد وفاة كولن أيضًا، نظرًا لأنها تجاوزت الحدود الجغرافية والسياسية بفضل تأييد ملايين المتطوعين حول العالم، الذين يعتبرون حركتهم الاجتماعية نموذجًا إنسانيًا يخدم المجتمع دون الانحياز لأيديولوجيات سياسية معينة.
واستندت الباحثة في رأيها إلى أن حركة الخدمة منظمة أهلية مدنية من منظمات المجتمع المدني، ومسجلة وفق القوانين والأعراف المتبعة في كافة الدول العاملة بها، وتعمل وفق قوانين تلك الدول، ولم توجه لها أو أفرادها أي تهم خلال العقود الماضية، مؤكدة أن الحكومة فشلت في إثبات التهم التي وجهتها للحركة.
واستمرت الباحثة قائلة: “الحركة تعمل في 130 دولة حول العالم حاليا عبر المدارس والمؤسسات التعليمية والإعلامية التابعة لها. ومع أن حركة الخدمة استلهمت أفكار الأستاذ كولن إلا أنها لم تقع في فخ الشخصنة، ولم تسمّ على اسم الأستاذ كولن، كما لم تنسب إليه أي مدرسة أو مؤسسة تعليمية أو إعلامية أو اقتصادية، ولم يمتلك الأستاذ أي مؤسسة طوال حياته، فأصبح لها شخصيتها المستقلة كحركة مدنية”، على حد قولها.
عزت د. منى سليمان سبب تفاؤلها باستكمال الحركة مسيرتها إلى استقلالها قائلة: “نعم، هذه الحركة استلهمت أفكار كولن، لكنها لم تبنِ وجودها على شخصنة الفرد وتقديسه. وهذا ما سيؤدي لاستمرار الحركة بعد وفاته، كما سيستمر استهداف أردوغان لها”.