أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارات جديدة تدين حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا بسبب تجاوزات تتعلق بالحق في المحاكمة العادلة والاحتجاز المطول.
الحكم الأول: قضية القاضية السابقة سدف أيواز
قضت المحكمة الأوروبية بأن تركيا انتهكت الحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليه في المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية التي تتعلق بالقاضية السابقة سدف أيواز، التي اعتُقلت مع زوجها في 16 يوليو 2016 في أعقاب محاولة الانقلاب بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة التي تستلهم فكر فتح الله كولن الراحل.
أيواز اشتكت من طول إجراءات محاكمتها، التي بدأت في 23 فبراير 2018 واستمرت حتى 2 فبراير 2024، أي ما يقارب ست سنوات. منو جانبها رأت المحكمة أن مدة المحاكمة “مفرطة” ولا تتوافق مع “المعقولية الزمنية”، وأشارت إلى أنه لا توجد أسباب تبرر هذه الفترة الطويلة.
بناءً على ذلك، أصدرت المحكمة حكمًا يلزم تركيا بدفع تعويض معنوي قدره 3900 يورو لسدف أيواز. كما استندت المحكمة في قرارها إلى قضية سابقة لها وهي قضية “أمهان كابلان ضد تركيا” لعام 2012، التي كانت بمثابة سابقة قانونية لمعالجة قضايا المحاكمات الطويلة.
كانت سدف أيواز قد أُطلق سراحها في أغسطس 2016 بسبب وجود طفل رضيع لديها، لكنها أُعيدت إلى السجن في مايو 2017 مع طفلها البالغ من العمر 10 أشهر. ومن ثم أُغلقت القضية على المستوى الوطني بقرار من المحكمة الدستورية التركية في 5 أكتوبر 2023، وتم إبلاغها بقرارها النهائي في فبراير 2024.
الحكم الثاني: انتهاكات في قضايا الاحتجاز المطول
في قضية أخرى، أصدرت المحكمة الأوروبية قرارًا ضد تركيا في دعوى تقدم بها أربعة من موظفي الشرطة السابقين، من بينهم رئيس جهاز المخابرات السابق رمضان أكيوريك. المشتكون انتقدوا طول فترة احتجازهم الاحتياطي، والتي اعتبرتها المحكمة انتهاكًا للمادة 3 و5 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في الحرية والأمان.
المشتكون، وهم ياسر أوزوغلو، وبولات كونغور، ومراد سوجوت، ورمضان أكيوريك، حُكم لهم بتعويضات مالية تراوحت بين 5100 يورو و6500 يورو كتعويضات معنوية، بالإضافة إلى 250 يورو لكل منهم لتغطية تكاليف الدعوى.
المحكمة رأت أن فترات احتجازهم الاحتياطي تجاوزت المعقول، مشيرة إلى أن رمضان أكيوريك، على سبيل المثال، ظل محتجزًا لأكثر من ست سنوات قبل صدور الحكم في قضيته.
رمضان أكيوريك كان قد اُعتقل في 27 فبراير 2015 على خلفية تحقيقات في قضية اغتيال الصحفي التركي أرمني الأصل هرانت دينك في 2007. ورغم مرور أكثر من ست سنوات على احتجازه، لم يصدر الحكم النهائي إلا في 26 مارس 2021، حيث تم الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.
تأتي هذه الأحكام في ظل تصاعد الانتقادات الموجهة للنظام القضائي التركي بشأن قضايا الاحتجاز والمحاكمات المطولة، والتي تُعد انتهاكًا واضحًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتكشف إخفاق تركيا في احترام الاتفاقية الأوروبية.