أثارت اعتقالات تسعة متظاهرين انتقدوا استمرار التجارة بين تركيا وإسرائيل يوم الاثنين، انتقادات واسعة من سياسيين معارضين ونشطاء ونقابات المحامين، حيث اتُهمت الحكومة بقمع المعارضة وتقويض الحريات الدستورية.
وقعت الاعتقالات بعد أن احتج المتظاهرون على خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 29 نوفمبر، حيث اتهموا الحكومة بالنفاق لاستمرارها في شحن النفط إلى إسرائيل، رغم إدانتها العلنية لأعمالها العسكرية في غزة. وردد المتظاهرون شعارات مثل “السفن تحمل القنابل إلى غزة” و”أوقفوا تغذية الإبادة الجماعية”، مطالبين بوقف الصادرات التي زعموا أنها تدعم الحملات العسكرية الإسرائيلية.
وجه مكتب المدعي العام في إسطنبول تهماً للمعتقلين بموجب قانون الاجتماعات والمظاهرات التركي، بتهمة المشاركة في احتجاج غير مصرح به، وبموجب قانون العقوبات التركي بتهمة “إهانة الرئيس”، وأمرت المحكمة باحتجازهم على ذمة المحاكمة.
وأدان سياسيون معارضون، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وزعيم حزب الشعب الجمهوري (CHP) أوزغور أوزل، هذه الخطوة، معتبرين أنها دليل على “الوضع المأساوي للديمقراطية في تركيا”.
كما انتقد علي باباجان، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم (DEVA)، الاعتقالات، قائلاً إن شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين حرة” يعبر عن تطلعات الملايين وطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
وانضمت أحزاب أخرى، مثل حزب السعادة الإسلامي وحزب المستقبل بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، إلى التنديد بالاعتقالات، واصفة إياها بأنها غير عادلة، مطالبة بفتح نقاش برلماني عاجل لمناقشة سيطرة الحكومة على القضاء.
ونظم نشطاء منظمات مثل “منصة ألف شاب من أجل فلسطين” و”منصة خيمة المقاومة” احتجاجات أمام محكمة شاغلايان في إسطنبول، مندّدين بما وصفوه بأنه قمع للمعارضة. وقالت حندان توران، والدة إحدى المعتقلات، شيما يلدريم: “هذه ليست عدالة. هؤلاء الشباب وقفوا من أجل الإنسانية والعدالة”.
اتهامات بالنفاق
اتهم داعمون لفلسطين تركيا بمواصلة شحن النفط الخام إلى إسرائيل على الرغم من إعلانها حظراً في مايو بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وأفادت حملة “أوقفوا تغذية الإبادة الجماعية” بأن ناقلات النفط التي تحمل الخام الأذربيجاني من ميناء جيهان التركي وصلت إلى إسرائيل مؤخرًا في نوفمبر، استناداً إلى صور الأقمار الصناعية وبيانات الشحن.
وأوضحت التقارير أن النفط الأذربيجاني يمثل 30% من واردات إسرائيل من الخام، مع زيادة الشحنات هذا العام أربعة أضعاف. ودعا قادة المعارضة أردوغان إلى مواءمة السياسات مع خطاب حكومته المؤيد لفلسطين، بينما حذر خبراء حقوقيون من إمكانية التواطؤ إذا قررت محكمة العدل الدولية أن الإبادة الجماعية تُرتكب في غزة.
وفي حين نفى وزير الطاقة ألبارسلان بيرقدار استمرار شحنات النفط، فإن تقارير من منظمة “التقدم الدولي” طعنت في هذه الادعاءات، مما يثير تساؤلات حول تطبيق الحظر.
أعادت الاعتقالات تسليط الضوء على المخاوف الأوسع بشأن تراجع الديمقراطية في تركيا، خصوصاً استخدام القضاء لقمع المعارضة. وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية التركية مراراً أن الاحتجاجات السلمية والانتقادات السياسية محمية بموجب الحق في حرية التعبير.
وأكد المحامي فاتح أربكان، الذي يمثل المعتقلين، أن الاعتقالات تفتقر إلى الأساس القانوني، مشيراً إلى أن المظاهرة كانت سلمية وموثقة جيداً. وقال: “لا يوجد خطر عبث بالأدلة، وهؤلاء الأفراد لا يملكون سجلاً جنائياً وليس هناك خطر للفرار. هذا القرار هو انتهاك صارخ لحقوقهم الدستورية”.
دعا قادة المعارضة، ومن بينهم إمام أوغلو، إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين، متهمين الحكومة باستخدام الاعتقالات كوسيلة لترهيب المنتقدين، إذ قال في منشور على الإنترنت: “هؤلاء الشباب احتجوا على النفاق في هذا البلد ولا يخافون منكم. فما الذي تخافون منه؟”.
وطالبت منظمات حقوق الإنسان بالإفراج الفوري عن المعتقلين وحثت تركيا على الالتزام بتعهداتها تجاه المعايير الدولية لحقوق الإنسان.