أثار اتجاه السلطات التركية لاعتقال ملك إيبك، والدة رجل الأعمال التركي أكين إيبك، بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة، استياء كبيرًا وانتقادًا واسعًا بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بينهم وزير سابق من حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وجه وزير الثقافة والسياحة التركي الأسبق، أرطغرل غوناي، انتقاداً لرئيس البرلمان التركي الأسبق بولنت أرينتش بسبب صمته على اعتقال ملك إيبك، والدة رجل الأعمال التركي أكين إيبك، مالك مجموعة “كوزا إيبك” القابضة، التي وُضعت تحت الوصاية الحكومية بنفس التهمة.
وكانت السلطات التركية نقلت ملك إيبك، الموغلة في السن (78) وتعاني عديدا من الأمراض، إلى سجن سنجان في أنقرة بعد تأييد حكم بسجنها لمدة 7 سنوات و6 أشهر في إطار التحقيقات المرتبطة بحركة الخدمة التي أسسها الراحل فتح الله كولن.
غوناي، الذي سبق أن شغل منصب وزير السياحة في حكومة رجب طيب أردوغان، تساءل عن صمت أرينتش، أحد مستشاري أردوغان، قائلاً: “كيف يمكن للإنسان أن يصمت إزاء ظلم يُمارَس على من كان يحترمهم ويعرف براءتهم؟ ما ثمن هذا الصمت؟ حفظ الله الجميع!” مستشهداً بآية قرآنية من سورة النساء: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين”.
يُذكر أن بولنت أرينتش كان قد تحدث في برنامج تلفزيوني عام 2015، حيث وصف ملك إيبك بأنها “ملاك للخير”، مؤكداً أن تقبيل يدها “ليس بجريمة”، وأنه سيقوم بذلك مجدداً إذا أتيحت له الفرصة.
وكان شريحة واسعة من المسؤولين، بمن فيهم أردوغان وأفراد عائلته على علاقة جيدة مع عائلة إيبك، وقد عرفت العائلة بضخ استثمارات هائلة في مجال التعليم خصوصًا، حيث أسست أفضل الجامعات والمدارس في تركيا، منحت بعضها للحكومة إلى جانب عديد من الوسائل الإعلامية.
مصادرة شركة “كوزا – إيباك” الإعلامية
أصدرت السلطات التركية في 27 أكتوبر 2015 قرارًا بتعيين “وصي” على شركة “كوزا – إيباك” الإعلامية القابضة والشركات التابعة لها، في إطار الضغوطات التي مارستها على وسائل الإعلام المستقلة أو المعارضة اعتبارا من عام 2013 حيث طفت فضائح الفساد والرشوة إلى السطح، والتي تورط فيها أبناء أربعة وزراء أقالهم أردوغان من مناصبهم في وقت لاحق.
أقدمت قوات الأمن على محاصرة مبنى مجموعة “إيباك” التي كانت تضمّ تحت مظلتها مؤسسات إعلامية، مثل قناة بوجون تي في “Bugün TV”، وجريدة بوجون اليومية، وقناة ترك “Kanal Türk” ومحطة قناة ترك الإذاعية، وجريدة “ملّت” اليومية وغيرها. وقد اقتمحت القوات الأمنية مقر المجموعة في 28 أكتوبر 2015 ودخلت إلى المبنى بعد كسر بوابته الحديدية وإخراج الصحفيين العاملين فيه.
وقد استخدمت الشرطة خلال الاقتحام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والهراوات تجاه العاملين والمواطنين المحتجين، مما أسفر عن إصابة عشرات المواطنين والصحفيين التابعين لمختلف المؤسسات الإعلامية بجروح، بمن فيهم أحد البرلمانيين، إضافة إلى اعتقال بعض الصحفيين، لتنتهي عملية الاقتحام بدخول شرطيين مدنيين إلى غرفة الإرسال عنوة وقطع أسلاك جهاز البثّ الفضائي للقناتين، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في تركيا والعالم على حد سواء، وعدّته منظمات صحفية محلية ودولية “انقلاباً دموياً على حرية الإعلام في تركيا”.
وفي 13 سبتمبر 2019 أصدرت محكمة التحكيم الدولية بإجماع آراء هيئة القضاة، بمن فيهم القاضي المعين من قبل تركيا، قرارًا أدانت فيه الحكومة التركية، مطالبةً إياها بتعويض قيمته 6 مليارات دولار، ووقفِ جميع الدعاوى القضائية والتحقيقات المحررة ضد الصحفيين في مجموعة وشركة إيباك الإعلامية ومسؤولي الشركة رفيعي المستوى والمحامين وأفراد عائلة إيبك، مع عدم منح الحكومة التركية حق الطعن على القرار، لكن السلطات التركية لم تمتثل لهدا القرار حتى اليوم.
وقد قال الكاتب الصحفي ورئيس القنوات التلفزيونية التابعة لمجموعة إيبك آدم ياوز أرسلان بعد قرار الوصاية والمصادرة على مؤسساتهم: “إن الرئيس أردوغان نجح نهاية عام 2015 في إسقاط لبنة قوية من صرح الإعلام وإزالة أول حجر عثرة في طريق الانقلاب المدبر الذي فتح له أبواب النظام الرئاسي الحالي”، على حد تعبيره.