أعلنت وزارة الدفاع التركية عزمها اتخاذ إجراءات قانونية ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزَل، بعد اتهاماته للقيادة العسكرية العليا بالتورط في قرار فصل خمسة ضباط برتبة ملازم بسبب أدائهم قَسَمًا غير مصرح به وترديدهم شعارًا علمانيًا خلال حفل تخرجهم.
تصعيد سياسي وتحذيرات من أردوغان
والمثير أن تهديدات أردوغان لزعيم المعارضة جاءت بعد ما طرح خلال اجتماع مؤخرا تساؤلات قائلا: “لماذا توقفت السفن العائمة في المياه الدولية، وما كانت حمولتها يا ترى، ولمن الحسابات التي شهدت تحركات غريبة؟”، في إشارة منه إلى مزاعم تورط مسؤولين كبار في تهريب دولي للمخدرات.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلال اجتماع موسع لرؤساء الأفرع الحزبية في حزب العدالة والتنمية، وجّه تحذيرًا شديد اللهجة لأوزَل، قائلًا: “أتحدث إليك بصفتي القائد الأعلى للقوات المسلحة، انتبه لما تقوله، وإلا فسنجبرك على أن تفعل. ليس لك الحق في مهاجمة القيادة العسكرية، وسنتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك رفع دعاوى تعويضية ضد من يتطاولون.”
وفي ردّه على تهديدات أردوغان، رفض أوزَل ما وصفه بمحاولات الترهيب، مؤكدًا أن “لا شيء يمكن أن يخيفه أو يخيف أي عضو في حزب الشعب الجمهوري”. وأضاف خلال كلمة له في إسطنبول: “إذا كنتم تريدون مواجهة، فنحن هنا. هل ستُرسل الدبابات إلى مقر حزبنا؟ أم ستهاجموننا بالسلاح؟ أم ستطلقون علينا العصابات التي تتعاملون معها؟”.
وزارة الدفاع ترفض الانتقادات وتتوعد بالقضاء
من جانبه، صرّح المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، الأدميرال زكي أكتورك، أن “أي تصريحات تستهدف قادتنا العسكريين أو الوزارة لن تمر دون رد، وسنلاحقها قانونيًا”. وأكدت الوزارة أن الادعاءات التي أطلقها أوزَل ضد قادة الجيش غير مقبولة، مشيرةً إلى أن جميع الخيارات القانونية مفتوحة أمامها.
جدل حول فصل الضباط ودور القيادات العسكرية
يعود الخلاف إلى قرار المجلس التأديبي الأعلى في وزارة الدفاع بفصل خمسة ملازمين بعد حفل تخرجهم في 30 أغسطس، حيث أدوا طقوس السيف ورددوا شعار: “نحن جنود مصطفى كمال”، في إشارة إلى مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك. وتصرّ الحكومة على أن الفصل جاء نتيجة انتهاكات للانضباط العسكري، فيما ترى المعارضة أن الضباط تعرضوا للإقصاء بسبب موقفهم المؤيد لأتاتورك.
أوزَل كان أكثر المعارضين صراحة في اتهاماته، مشيرًا إلى أن قائد القوات البرية، الجنرال سلجوق بيرقدار أوغلو، وقائد القوات البحرية، الأدميرال أرجومنت تاتلي أوغلو، لعبا دورًا رئيسيًا في الضغط على المجلس التأديبي لفصل الضباط. كما زعم أن رئيس المجلس، الفريق توفيق ألغان، كان معارضًا للقرار لكنه أُجبر على التنحي بعد تعرضه لضغوط من القيادة العسكرية.
وفي خطاب ألقاه في البرلمان يوم الثلاثاء، وجه أوزَل اتهامات مباشرة لبيرقدار أوغلو وتاتلي أوغلو، متهمًا إياهما بالتلاعب بالقرار خلف الكواليس. وقال: “أعرف من مارس الضغط على ألغان، ومن دفع نحو فصل هؤلاء الضباط، ومن استخدم وسائل الإعلام لتضخيم القضية. وكما واجهتُ وزير الدفاع السابق خلوصي أكار، أواجهكم الآن. أنتم رجالٌ نالوا اللعنات بدل البركات من زملائهم.”
أردوغان يربط الهجوم على الجيش بفضائح داخل المعارضة
لم يكتفِ أردوغان بالدفاع عن الجيش، بل استغل الفرصة لمهاجمة حزب الشعب الجمهوري، قائلًا: “في الآونة الأخيرة، كل ما يصدر عن المعارضة تفوح منه رائحة الفساد، من مؤتمرهم الحزبي إلى تعاملاتهم المالية”، في إشارة إلى التحقيق القضائي الجاري حول مزاعم شراء الأصوات خلال انتخابات قيادة حزب الشعب الجمهوري في عام 2023.
في المقابل، رفض قادة الحزب هذه الاتهامات، معتبرينها ذات دوافع سياسية. وندّد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، علي ماهر باشارير، بتهديدات أردوغان لأوزَل، قائلًا: “لن تستطيع تهديد زعيمنا باستخدام الجيش. نحن لسنا كوزرائك المعيّنين الذين يرتعدون خوفًا منك.”
حتى الآن، لم تحدد وزارة الدفاع جدولًا زمنيًا لتقديم الدعوى القضائية، لكنها أكدت أنها ستتخذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة لمحاسبة المسؤولين عن التصريحات التي تستهدف الجيش.

