اتهم خمسة عشر ناشطاً تركياً من المشاركين في “أسطول الصمود العالمي” القوات الإسرائيلية بإساءة معاملتهم خلال احتجازهم، مؤكدين أن بعض الجنود الإسرائيليين الذين اعتقلوهم كانوا يتحدثون اللغة التركية بطلاقة ويحملون جوازات سفر تركية.
ووفقاً لوكالة الأناضول الرسمية، وصل النشطاء إلى مطار إسطنبول مساء الثلاثاء بعد ترحيلهم من عمّان، ليكشفوا تفاصيل ما وصفوه بـ”الانتهاكات الجسيمة” التي تعرضوا لها على يد جنود قالوا إنهم مزدوجو الجنسية.
الناشط زين العابدين أوزكان صرّح بأنهم “تعرضوا للضرب والسحل والإهانات اللفظية، خصوصاً من الجنود الذين تحدثوا التركية وأظهروا جوازاتهم التركية”، مضيفاً أن “ثلاثة جنود على الأقل تحدثوا التركية بطلاقة، وتفاخروا بجوازاتهم وهم يوجهون إلينا الشتائم“.
من جانبه، قال الناشط محمد فاتح سنان إن أحد الجنود ركلهم قائلاً “أنا أيضاً أحمل هذا الجواز”، داعياً السلطات التركية إلى تحديد هوية هؤلاء الجنود وسحب الجنسية منهم، مضيفاً: “لا نريد هؤلاء في بلادنا“.
احتجاز قاسٍ وظروف مهينة
روى النشطاء أنهم عانوا ظروفاً قاسية خلال احتجازهم، منها الوقوف لساعات طويلة تحت الشمس، وتعرضهم للضرب والإهانة، وحرمانهم من الطعام والماء، فضلاً عن إجبارهم على مشاهدة مواد دعائية إسرائيلية.
الناشطة سمية سناء بولات قالت إن الجنود “استمتعوا بإهانتنا”، فيما أفاد الناشط حسين شعيب أوردو بأن الجنود “ضربوا رؤوسنا بجوازات سفر تركية وقالوا إنهم يمتلكونها أيضاً”، في محاولة متعمدة للإذلال.
غضب شعبي ودعوات لسحب الجنسية من مزدوجي الولاء
أثارت هذه الاتهامات موجة غضب عارمة في الأوساط الموالية للفلسطينيين داخل تركيا. الكاتب الإسلامي آدم أوزكوسه وصف على منصة X ما حدث بأنه “إهانة وطنية”، معتبراً أن “عدم اتخاذ موقف حازم ضد مزدوجي الجنسية الصهاينة يعني حمايتهم”، وأضاف: “من الآن فصاعداً، لا نريد صهيونياً واحداً في بلادنا“.
الناشطة آيتشين كانتوغلو دعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى خطوات قانونية وسياسية عاجلة، معتبرة أن “نشر دعاية صهيونية أو تبرير الإبادة على أساس ديني أو عرقي يجب أن يُعدّ عملاً إرهابياً”، وطالبت بمحاكمة مزدوجي الجنسية الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وسحب الجنسية التركية منهم.
الموقف الرسمي التركي والجدل القانوني حول مزدوجي الجنسية
حتى الآن، لم تصدر الحكومة التركية أي تعليق رسمي بشأن الادعاءات التي تتحدث عن جنود إسرائيليين ناطقين بالتركية أو مزدوجي الجنسية.
وتأتي هذه التطورات في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي في تركيا من الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث تجاوز عدد الضحايا وفق وزارة الصحة في غزة أكثر من سبعة وستين ألف قتيل، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة “ذات مصداقية“.
وفي يوليو/تموز 2024، تقدّم حزب الدعوة الحرة (هودا بار) الحليف الإسلامي المتشدد للرئيس رجب طيب أردوغان، بمقترح قانوني إلى البرلمان يقضي بسحب الجنسية التركية من الأفراد الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي ومحاكمتهم بتهمة “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”. ولا يزال المشروع قيد النقاش البرلماني، وسط دعم متزايد من القوى الموالية للفلسطينيين التي تطالب بإجراءات أكثر صرامة ضد مزدوجي الجنسية المتورطين في الحرب على غزة.
خلفية تاريخية وسياق اجتماعي
تاريخياً، تُعد الجالية اليهودية إحدى الأقليات المعترف بها رسمياً في تركيا. وقد شهدت البلاد وجوداً يهودياً واسعاً منذ قرون، لكن معظم أفراد هذه الجالية غادروا خلال العقود الماضية إلى إسرائيل ودول أخرى.
وتشهد الساحة التركية اليوم تصاعداً ملحوظاً في المشاعر المعادية لإسرائيل على خلفية الحرب المستمرة في غزة، ما جعل مسألة الولاء المزدوج موضوعاً حساساً يتقاطع فيه السياسي بالديني والوطني.

