في تطور جديد للصراع السوري، أفادت وكالة الأناضول التركية أن قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا شنت هجوماً واسعاً استهدف مدينة تل رفعت، آخر معقل خاضع لسيطرة الأكراد في ريف حلب الشمالي، وتمكنت من دخول مركز المدينة.
يأتي هذا الهجوم كجزء من عملية “فجر الحرية” التي تقودها قوات الجيش الوطني السوري (SNA)، وهو تحالف يتكون من الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا.
تهدف العملية إلى السيطرة على تل رفعت وطرد قوات سوريا الديمقراطية (SDF) التي يقودها الأكراد، إلى جانب العناصر المتبقية من قوات النظام السوري بقيادة بشار الأسد. وتمكنت وحدات الجيش الوطني السوري، ضمن العملية نفسها، من التقدم من منطقة الباب والسيطرة على مطار كويرس العسكري في شرق حلب، إضافة إلى مواقع استراتيجية مثل اللواء 111 والكلية الجوية والمساكن العسكرية. كما استولت القوات على ست دبابات ومدفع هاوتزر ومركبة دفاع جوي، ما أدى إلى قطع طريق حلب-الرقة وإضعاف خطوط إمداد النظام وإجباره على التراجع.
في الوقت نفسه، تمكنت هيئة تحرير الشام (HTS)، الفصيل الإسلامي الذي يقوده الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، من السيطرة الكاملة على مدينة حلب بعد حملة سريعة أربكت دفاعات النظام السوري. وأعلنت الهيئة سيطرتها على مطار حلب الدولي والطريق السريع M5، الشريان الحيوي الذي يربط دمشق بشمال سوريا، بعد أن سيطرت على أكثر من 80 قرية وبلدة خلال أيام.
كما وسّعت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها نفوذها جنوباً في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بمحافظتي إدلب وحماة، واستولت على مدن استراتيجية مثل سراقب ومعرة النعمان، مما أدى إلى عزل قوات النظام وقطع خطوط إمدادها. وأشارت مصادر إلى أن هذه التطورات تكشف ضعف قوات الأسد التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الجوي الروسي والميليشيات المدعومة من إيران، والتي تم نقل بعضها إلى مناطق أخرى.
الهجوم على تل رفعت يندرج ضمن استراتيجية تركيا الهادفة إلى إنشاء منطقة عازلة على طول حدودها الجنوبية. وقد اعتبرت أنقرة قوات سوريا الديمقراطية امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي تصنفه منظمة إرهابية. ومنذ سنوات، تنفذ تركيا عمليات عسكرية عبر الحدود للحد من نفوذ الأكراد ودعم قوات المعارضة.
في المقابل، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية التعبئة العامة لمواجهة الهجوم، محذرة من كارثة إنسانية محتملة مع تصاعد الاشتباكات. ووجه المسؤولون الأكراد اتهامات لتركيا والفصائل الموالية لها بمحاولة تهجير السكان الأكراد قسراً، وهي مزاعم أيدتها منظمات حقوقية تراقب النزاع.
وفي الوقت ذاته، شن النظام السوري غارات جوية انتقامية على مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وحلب، مستهدفاً مناطق مدنية وبنية تحتية حيوية. وأفاد عمال الإغاثة بوقوع ضحايا كثر جراء القصف، مما أثار مخاوف من كارثة إنسانية أكبر.
تشير التطورات الأخيرة، خصوصاً سيطرة المعارضة السريعة على مناطق واسعة، إلى نقطة تحول في الصراع السوري الذي شهد استقراراً نسبياً منذ اتفاقات وقف إطلاق النار الدولية في عام 2020. ويرى المحللون أن انهيار دفاعات النظام في حلب وإدلب يعكس ضعف قبضته على شمال سوريا، لا سيما مع انشغال روسيا وإيران بصراعات جيوسياسية أخرى، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا.
تأتي هذه الأحداث في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا، حيث يعاني ملايين النازحين من أوضاع إنسانية صعبة ويعتمدون على المساعدات الدولية. ومع تأخر الاستجابة الدولية، يبقى مصير المنطقة مجهولاً، وسط مخاوف من تصعيد أكبر قد يؤدي إلى اندلاع حرب أوسع نطاقاً في سوريا.