تسعى المملكة العربية السعودية إلى توسيع نفوذها الإقليمي من خلال استراتيجية جديدة، حيث تعزز نشاطها الدبلوماسي والاقتصادي في لبنان وسوريا. وبينما تلعب دورًا فاعلًا في هذين البلدين، يظل السؤال مطروحًا حول إمكانية تمدد هذا النفوذ ليشمل دولًا أخرى مثل الأردن والعراق.
الدور السعودي الجديد في سوريا
قام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يوم الجمعة بزيارة إلى سوريا، وهي أول زيارة رسمية يقوم بها مسؤول سعودي منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 وتشكيل إدارة جديدة بقيادة أحمد الشرع. وتُظهر هذه الزيارة بوضوح رغبة الرياض في فتح صفحة جديدة مع دمشق.
وكان أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة، قد صرّح في وقت سابق بأنه سيكون للسعودية دور كبير في إعادة إعمار سوريا وتنميتها الاقتصادية، داعيًا إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، وهي دعوة تزامنت مع حث الرياض المجتمع الدولي على دعم السوريين ومساعدتهم في تجاوز الأزمة الممتدة منذ أكثر من 13 عامًا.
لبنان بين الحذر والدعم
في لبنان، تتبع السعودية سياسة حذرة، حيث تسعى للحد من نفوذ حزب الله دون التورط في مواجهات مباشرة. ويركز الدعم السعودي على إعادة بناء المؤسسات، خاصة الأمنية والعسكرية، وتحفيز الاقتصاد اللبناني دون تقديم التزامات طويلة الأمد، مع إدراكها لاحتمالية تغيّر مواقف المسؤولين اللبنانيين وفقًا للمتغيرات الداخلية.
وكانت الرياض قد ساهمت في تسهيل انتخاب الرئيس جوزيف عون بعد فراغ سياسي دام أكثر من عامين، مع تأكيدها على أهمية تشكيل حكومة لبنانية جديدة في القريب العاجل.
الحفاظ على التوازن مع إيران
وفقا لتقرير نشرته صحيفة “العرب” اللندنية، يتسم التحرك السعودي في المنطقة بالسعي إلى تحقيق توازن في علاقاتها مع إيران، وبعد سنوات من الصراع غير المباشر مع طهران، تتجنب الرياض استفزازها بشكل مباشر، مع الاستمرار في الحوار معها لتعزيز الاستقرار الإقليمي، حتى وإن أثار ذلك حفيظة بعض القوى الدولية.
الأردن والعراق في المعادلة
مع تعزيز نفوذها في لبنان وسوريا، تتجه الأنظار إلى الأردن والعراق كوجهات محتملة للتأثير السعودي؛ فالأردن يواجه أزمة اقتصادية ويحتاج إلى دعم سعودي فعّال، بينما يسعى العراق، وسط تراجع النفوذ الإيراني، إلى تعزيز استقلاله، وهو ما يفتح المجال أمام الرياض للعب دور أكبر هناك.
المنافسة مع تركيا وقطر
في سوريا، تواجه السعودية تحديات المنافسة مع تركيا وقطر، اللتين تتمتعان بنفوذ قوي في المنطقة. ولتجنب فقدان فرصة المشاركة في إعادة إعمار سوريا، تسعى الرياض إلى تعزيز حضورها في الوقت المناسب.
تطبيع العلاقات وآفاق المستقبل
شهدت العلاقات السعودية السورية تطورًا ملحوظًا، حيث أعادت الدولتان فتح سفاراتهما في 2023، مع تعيين الرياض سفيرًا لها في دمشق في مايو 2024. وتطمح السعودية إلى لعب دور محوري في إعادة بناء سوريا وتنميتها الاقتصادية بعد سنوات من الحرب.
تمثل الاستراتيجية السعودية الجديدة محاولة لإعادة صياغة نفوذها الإقليمي مع مراعاة التوازنات الجيوسياسية في المنطقة. وإذا نجحت الرياض في إدارة هذا التوجه، فقد نشهد توسيع نفوذها ليشمل الأردن والعراق، إلى جانب استمرار دورها في لبنان وسوريا.