شهدت البوسنة والهرسك مأساة أليمة عندما لقي علي عثمان جيراك، وهو معالج فيزيائي مفصول تعسفيًا من وظيفته في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، مصرعه في حادث مروري أثناء لقاء عائلي مع أسرته، مما أسفر عن وفاته مع زوجته وابنتيه.
تفاصيل الحادث الأليم
وقع الحادث يوم الخميس بالقرب من بلدة راديشيني عندما اصطدمت السيارة التي كان يقودها جيراك بشاحنة، مما أسفر الاصطدام عن وفاة جيراك (45 عامًا) وزوجته وابنتيه في مكان الحادث، بينما توفيت الطفلتان في وقت لاحق في مستشفى بمدينة كونيتش. أما ابنته الثالثة، الناجية الوحيدة، فقد تم نقلها إلى مستشفى في العاصمة سراييفو لتلقي العلاج، وهي في حالة حرجة وفقًا لمصادر مقربة من الأسرة.
جيراك، الذي حصل على حق اللجوء في هولندا، كان يخطط للعودة إليها يوم الجمعة بمفرده نظرًا لعدم استكمال إجراءات لم شمل أسرته بعدُ من قبل السلطات الهولندية.
عقبات لم الشمل الطويلة
وفقًا لدائرة الهجرة والتجنيس الهولندية، فإن إجراءات لم شمل الأسرة بالنسبة للاجئين الذين يتقدمون بالطلب خلال ثلاثة أشهر من الحصول على اللجوء تستغرق عادة ما بين 20 إلى 24 شهرًا لاتخاذ قرار. هذه الفترات الطويلة أثارت استياءً واسعًا بين طالبي اللجوء في هولندا، حيث شهدت أكثر من 300 مركز استقبال احتجاجات وإضرابات عن الطعام بسبب التأخير، بحسب تقرير لصحيفة Algemeen Dagblad في عام 2024.
وتواجه العديد من العائلات، مثل عائلة جيراك، تحديات في الاجتماع بمكان محايد خارج بلد اللجوء وبلدهم الأصلي بسبب الصعوبات الإجرائية والمادية، إضافة إلى المخاطر غير المتوقعة.
سياق التطهير السياسي في تركيا
أتى هذا الحادث في سياق أوسع يتعلق بتداعيات محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو 2016، والتي أعقبتها حملة تطهير واسعة النطاق نفذتها حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة تحت مظلة “مكافحة الإرهاب”.
أعلنت حكومة حزب العدالة والتنمية عن حالة الطوارئ لمدة عامين، واستُخدمت المراسيم القانونية لإقالة حوالي 130 ألف موظف حكومي من وظائفهم بسبب ارتباطهم المزعوم بتنظيمات إرهابية. وكان معظم المستهدفين من أتباع حركة الخدمة المستلهمة من أفكار فتح الله كولن الراحل، والتي تتهمها الحكومة التركية بتدبير الانقلاب، رغم نفي الحركة لهذه الاتهامات.
إضافة إلى الفصل من الوظائف، تعرض الضحايا لعقوبات ثانوية مثل إدراج أسمائهم في قواعد بيانات الضمان الاجتماعي لردع أرباب العمل في القطاع الخاص عن توظيفهم، وفرض حظر على السفر منعهم من البحث عن فرص عمل خارج تركيا.
محاولات الفرار المأساوية
لجأ العديد من ضحايا حملة التطهير إلى مغادرة تركيا بطرق غير قانونية هربًا من القمع، حيث خاضوا رحلات محفوفة بالمخاطر عبر نهر إيفروس أو بحر إيجه للوصول إلى اليونان. للأسف، لقي البعض حتفهم أثناء هذه المحاولات.