نشر الكاتب الصحفي التركي المعروف ممتازير تركونه مقالا مثيرًا حاول فيه تحليل أبعاد صراع العروش أو ما سماه “كرة تنس الطاولة” الملعوبة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وحليفه السياسي زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي.
في مقال حمل عنوان “الدولة في مواجهة الحكومة”، نشره موقع (Turkish Post) التركي، تطرق تركونه إلى كل من تجديد بهجلي دعوته للزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان، قائد حزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور، ليعلن عبر البرلمان التركي عن حل الحزب وتخليه عن الكفاح المسلح، ملمحًا إلى إمكانية الإفراج المشروط عنه ضمن ما يعرف بـ “حق الأمل”، وإقدام الحكومة في مقابل ذلك على إقالة رؤساء البلديات المنتخبين من صفوف حزب الشعب الجمهوري وحزب السلام والديمقراطية للشعوب المؤيد للأكراد.
فيما يلي ملخص هذا المقال:
أردوغان يرتكب خطأً كبيراً، ويقطع الغصن الذي يجلس عليه. قد يقول البعض “لقد حدث هذا من قبل أيضًا، فما الفرق؟” لكن هذه المرة مختلفة. النقاش ليس حول مبدأ “من يأتي بالانتخابات يرحل بالانتخابات”، أو الخوف من “عدم رحيلهم عن طريق الانتخابات”، بل النقاش يدور حول سياسة أو نظام الأوصياء على البلديات التي ستعزز من قوة المعارضة وتضعف شرعية الحكومة المستمدة من إرادة الشعب. وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية، يمكننا بوضوح أن نتوقع بأن سياسة الأوصياء على البلديات المعارضة تفتح الباب لانتخابات مبكرة لا لترسيخ الديكتاتورية في البلاد. لقد أصبحت الشوارع منذ الآن تحت سيطرة المعارضة.
الصراع السياسي يشبه كرة تنس الطاولة المتنقلة. تخيلوا الكرة تتأرجح بين مضربين؛ أحدهما بيد رئيس حزب الحركة القومية والآخر بيد الرئيس أردوغان. ويحاول بعض الزعماء السياسيين التدخل من الخارج، لكن دون جدوى، فالكرة تبقى مرتبطة بخيط رقيق. لكن هناك مشكلة ألا وهي أن الخيط الذي يمسكه أردوغان على وشك الانقطاع!
الخلاف عميق يتجاوز الشخصيات
الصراع الحقيقي هو بين الدولة والحكومة. الحكومة تمثل السلطة التنفيذية، لكن الدولة تشمل كل السلطات، بما فيها التشريعية والقضائية. في الأنظمة الدستورية، الهيمنة التنفيذية على باقي السلطات تثير قلقاً حول انتهاك الحقوق وتجاوز الحدود. هنا يأتي دور ما يُعرف بـ”عقل الدولة” أو “ردة فعل الدولة” لضبط الأوضاع. عادة ما ينبع هذا التوازن من أفراد داخل البيروقراطية الأمنية أو من النخب المثقفة والسياسيين الملتزمين بمصلحة الدولة العليا.
الصراع الحالي بين أردوغان وبهجلي يشبه مباراة تنس طاولة بين الحكومة والدولة. هذا الصراع اتضح من خلال سياسات تعيين الأوصياء على البلديات، حيث رد بهجلي أمس (5 نوفمبر) بضربة محسوبة بعناية على تصريح أردوغان حول الموضوع.
بضربة ماهرة، وضع بهجلي كرة الطاولة في مكان بعيد عن متناول يد أردوغان. لا تنخدعوا بالمجاملات المتبادلة أو وعود بهجلي بدعم أردوغان لإعادة انتخابه، فالصراع الحقيقي عميق ويتجاوز الظاهر. تركيا تمر عبر دائرة من النار في المنطقة، كما يعلم الجميع. الدولة تنظر إلى المسألة برؤية تمتد لمئة عام قادمة، بينما تركز الحكومة على الفوز في الانتخابات المقبلة خلال سنة أو سنتين.
انهيار المنطق داخل الحكومة ينذر بنتيجة هذه المعركة؛ نفهم ذلك من تصريحات المتحدث باسم الرئاسة حول قضية إقالة رئيس بلدية “أسنيورت”، حيث أشار إلى أن “من يستغل تحقيقات الإرهاب لأجنداتهم السياسية لن يجد صدى لدى المجتمع”، مؤكداً أن “من يتجاهل هذه الحقيقة سيحاسب أمام المجتمع عاجلاً أم آجلاً”. أرأيتم هل هذه تصريحات صادرة عن المتحدث باسم المعارضة أم أنها تدل على انهيار منطق الحكومة يا ترى؟
المشهد هو عبارة أن الدولة تواجه الحكومة مباشرةً. الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة. أما النتيجة؟ بالنسبة لي، النتيجة واضحة!