جاءت تركيا في المرتبة 31 من بين 36 دولة من حيث قدرات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لمؤشر نشرته جامعة ستانفورد الأمريكية حول الوضع الحالي لتطوير الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
أصدر معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي الموجه نحو الإنسان (HAI) أداة حيوية “الذكاء الاصطناعي العالمية” التي توفر منصة تفاعلية لتحليل تطوير الذكاء الاصطناعي عبر 36 دولة من خلال 42 مؤشرًا مميزًا منظمًا في ثمانية محاور رئيسية.
يقيم هذا الإطار الدول من حيث البحث والتطوير، والذكاء الاصطناعي المسؤول، والتأثير الاقتصادي، والتعليم، والتنوع، والسياسة والحوكمة، والرأي العام والبنية التحتية، مع مساهمات من لجان الخبراء لتحديد درجات الحيوية النهائية.
يعتبر تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2024 بمثابة أداة حاسمة للتنقل في المشهد المتزايد التعقيد لتطوير الذكاء الاصطناعي وحوكمته على مستوى العالم. يتناول هذا التقرير الأنماط الناشئة في تقدم الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الابتكارات التقنية، والآثار المجتمعية، والديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة.
في مجال الأتمتة الصناعية، أظهرت تركيا زخمًا ملحوظًا، حيث حققت زيادة بنسبة 22 بالمئة في تركيب الروبوتات من عام 2021 إلى 2022. هذا التطور يضع البلاد في المرتبة الثانية من حيث ديناميكية السوق على مستوى العالم في نشر الروبوتات الصناعية، بعد سنغافورة التي سجلت نموًا بنسبة 68 بالمئة.
يعد قطاع التعليم مجالًا آخر يشهد تقدمًا استراتيجيًا، حيث سجلت تركيا زيادة بنسبة 197 بالمئة في عدد خريجي الماجستير في المعلوماتية وعلوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات خلال العقد الماضي. هذا الإنجاز يضع تركيا في المرتبة الثالثة بين الدول الأوروبية في توسيع القوى العاملة التقنية، بعد ألمانيا التي سجلت نموًا بنسبة 259 بالمئة، وبفارق طفيف عن إسبانيا التي سجلت زيادة بنسبة 194 بالمئة.
ومع ذلك، تتأخر تركيا في المساهمة في تطوير النماذج الأساسية، وهو مقياس رئيسي لقدرات الذكاء الاصطناعي، حيث لا توجد نماذج موثقة مقارنة بـ 109 في الولايات المتحدة و20 في الصين.
تكشف بيانات الرأي العام الحالية عن آراء متوازنة تجاه تكامل الذكاء الاصطناعي، حيث يعتبر 43 بالمئة من الشعب التركي أن منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي مفيدة.
يشير التقرير أيضًا إلى الفرص المتاحة لتطوير إطار عمل للسلامة والموثوقية في الذكاء الاصطناعي في تركيا، وهو جانب أصبح ذا أهمية متزايدة في حوكمة وتطوير معايير الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
يستعرض الدكتور ر. إردم إركول، المؤسس المشارك لشركة الذكاء الاصطناعي Cerebrum Tech، عددًا من الإجراءات الاستراتيجية لتقدم تركيا في مؤشر الذكاء الاصطناعي لستانفورد، ويشدد على أهمية الإصلاحات السياسية الشاملة وتطوير المؤسسات.
تشمل توصياته تطوير استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الإصلاحات التعليمية مع مناهج تركز على الذكاء الاصطناعي، وزيادة الاستثمارات في البحث والتطوير، وتعزيز دعم النظام البيئي للشركات الناشئة، وتشجيع سياسات البيانات المفتوحة، وإنشاء مراكز بيانات عالمية.
فيما يتعلق بالاستثمار والتمويل، يشير إركول إلى النماذج الناجحة في الولايات المتحدة والصين وفرنسا وكوريا، موصيًا بزيادة استثمارات تركيا في البحث والتطوير إلى 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما يوصي بتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لإنشاء صناديق تكنولوجيا كبيرة وتقديم حوافز للمبادرات المحلية في الذكاء الاصطناعي.
تشمل توصياته أيضًا توسيع برامج الوعي بالذكاء الاصطناعي والشهادات في الجامعات، وتنفيذ التعليم المتعلق بالذكاء الاصطناعي من مرحلة المدرسة الابتدائية، وتطوير استراتيجيات للاحتفاظ بالمتخصصين المهرة محليًا.
فيما يخص تطوير البنية التحتية، يقترح إركول إنشاء نظام بيئي للبيانات المفتوحة يسهل تبادل البيانات بين القطاعين العام والخاص، جنبًا إلى جنب مع إطار تنظيمي شامل يعالج أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والاعتبارات القانونية.
كما ينصح بإنشاء مناطق لتطوير التكنولوجيا ومراكز حاضنة، تقدم مزايا ضريبية، وقروضا منخفضة الفائدة، وتعزيز الحوافز للتصدير للمؤسسات التي تركز على الذكاء الاصطناعي.
تظهر التعاونات الدولية كعنصر حاسم، مع التأكيد على تعزيز الشراكات مع الولايات المتحدة وكوريا والدول الأوروبية، مع توسيع التعاون بين القطاعين الخاص والأكاديمي. يقترح إركول تنفيذ حملة توعية شاملة حول الذكاء الاصطناعي وتوسيع برامج إعادة تأهيل المهارات لتيسير التحول في القوى العاملة.