بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدرت جمعية وِلت أنوالت (Weltanwälte e.V.)، التي تتخذ من ألمانيا مقرًا لها، تقريرًا شاملاً عن انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا خلال عام 2024.
يسلط التقرير الضوء على الانتهاكات المنهجية التي ترتكبها حكومة حكم حزب العدالة والتنمية (AKP) وتأثيرها على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مع توجيه نداء قوي مفاده: “لا يجب أن نصمت أمام هذه الانتهاكات من أجل مستقبل أكثر عدالة وحرية للجميع!”
تأسست الجمعية عام 2021 على يد محامين ونشطاء حقوقيين من اللاجئين المقيمين في ألمانيا، وهي تسعى إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز العدالة.
القمع الممنهج ضد حركة الخدمة
التقرير تضمن مجموعة من المحاور التي توثق مختلف أنواع الانتهاكات الحقوقية في تركيا، وتدعو المجتمع الدولي للتحرك ضدها، أبرزها القمع الممنهج ضد حركة الخدمة التي أسسها وقادها روحيا فتح الله كولن.
أكد التقرير استمرار عمليات الاعتقال الجماعي لأعضاء حركة الخدمة، مع تسجيل ادعاءات بتعرضهم للتعذيب وحالات اختطاف قسري، مشيرًا إلى وجود تمييز داخل السجون التركية يؤدي إلى انتهاك الحقوق الأساسية للمعتقلين، وداعيًا لعدم الصمت أمام هذه التجاوزات التي تنتهك كرامة الإنسان.
القضية الكردية وانتهاكات حقوق الإنسان
أوضح التقرير أن الأكراد في تركيا يواجهون تمييزًا في حقوقهم الثقافية واللغوية، حيث يُحرمون من التعليم بلغتهم الأم، وتُمنع مظاهر التعبير عن هويتهم الثقافية. كما تم توثيق اعتقال العديد من السياسيين الأكراد المنتخبين ديمقراطيًا، إلى جانب تعيين وصاة حكوميين بدلًا من رؤساء البلديات المنتخبين. ودعت الجمعية إلى وضع حد لهذه التدخلات التي تقوض إرادة الشعب الكردي.
حرية التعبير وحرية الصحافة
تناول التقرير الانتهاكات المستمرة لحرية التعبير، حيث يتعرض الصحفيون والمستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي والأكاديميون لضغوط شديدة، مع استخدام تهم الإرهاب لإسكات أي انتقاد موجه للحكومة. وأكد أن حرية الصحافة هي جزء لا يتجزأ من حرية الجميع، مناشدًا العمل من أجل حمايتها.
الحق في محاكمة عادلة واستقلال القضاء
تساءل التقرير عن إمكانية تحقيق العدالة في ظل غياب المحاكمة العادلة، مشيرًا إلى أن استقلال القضاء في تركيا يتعرض لضغوط سياسية مكثفة، وأن قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تُنفذ. ودعت الجمعية إلى رفع الصوت من أجل تعزيز سيادة القانون واستقلال القضاء.
التعذيب وسوء المعاملة في السجون
أشار التقرير إلى استمرار حالات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون التركية، بالإضافة إلى نقص حاد في الخدمات الصحية للمعتقلين، وهو ما يُعدّ من أشد الانتهاكات لحقوق الإنسان. ودعا المجتمع الدولي للدفاع عن كرامة الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات.
انتهاكات حقوق المرأة والأقليات
وثق التقرير تزايد حالات العنف ضد النساء بعد انسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول، التي كانت تهدف إلى حماية النساء من العنف. كما أشار إلى التمييز ضد الأقليات الدينية والثقافية، حيث تُحرم من ممارسة حقوقها بحرية. ودعا التقرير إلى النضال المشترك من أجل حماية حقوق النساء والأقليات.
دعوة للتحرك
اختتم التقرير برسالة إلى السلطات التركية ومنظمات المجتمع المدني: “تقريرنا عن حقوق الإنسان في تركيا لعام 2024 هو دعوة من أجل مستقبل أكثر عدلاً وحرية للجميع. لا يجب أن نصمت أمام الانتهاكات التي تهدد كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية!”
وشددت الجمعية على أن مواجهة هذه الانتهاكات تتطلب تضافر الجهود الدولية، مؤكدة أن الصمت أمام هذه الجرائم يشكل تواطؤًا غير مباشر مع الظلم.