تشهد إسطنبول توترات متزايدة منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات متواصلة في منطقة سراج خانة، حيث تتدخل قوات الأمن بشكل متكرر باستخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، وخاصة الطلاب الجامعيين.
تصاعد العنف ومزاعم بانتهاكات الشرطة
منذ إحالة إمام أوغلو إلى المحكمة في 22 مارس، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو تظهر تعرض المحتجين للعنف على يد الشرطة. وتشير التقارير إلى أن بعض هذه الصور نُشرت مباشرة من حسابات أفراد في الأجهزة الأمنية، حيث تظهر محتجين مقيدين وعليهم آثار ضرب.
تهديدات من شخصيات محسوبة على الحزب الحاكم
تزامنًا مع الاحتجاجات، صدرت تهديدات علنية من شخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على حزب العدالة والتنمية. ومن أبرز هذه الشخصيات مُجاهد بيرينجي، العضو السابق في اللجنة المركزية للحزب، والذي نشر تحذيرات مباشرة ضد المتظاهرين. كما أن فرقان بولوكباشي، المعروف بمواقفه المثيرة للجدل، زعم أن المحتجين قاموا بشرب الكحول داخل ساحة مسجد “شاه زاده باشي”، ووجه تهديدات صريحة لهم قائلًا: “لقد تجاوزتم حدودكم. هذا تحذيرنا الأخير: ابتعدوا عن مساجدنا، وإلا فلتتحملوا العواقب!”
إعلام الحكومة يعزّز الرواية الرسمية
في سياق متصل، قامت وسائل الإعلام المقربة من الحكومة بنشر تقارير تدعم هذه المزاعم، متهمة بعض المحتجين بالإساءة إلى المسجد، واستخدمت هذه الاتهامات كوسيلة لتبرير تشديد الإجراءات الأمنية ضد المتظاهرين.
دعوات للحشد من تيارات إسلامية متشددة
بالتوازي مع هذه الأحداث، نشرت جماعة تُعرف باسم “حركة شباب الفتح العظيم”، والتي يُقال إنها مقربة من تنظيم İBDA-Cالمصنف إرهابيا من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي، بيانًا على وسائل التواصل الاجتماعي دعت فيه أنصارها للتجمع مساء 24 مارس في مسجد “شاه زاده باشي”. وجاء في البيان: “سنقيم إفطارنا في مسجد شاه زاده باشي، ردًا على الانتهاكات التي وقعت هناك. مصلحتنا ليست سياسية ولا مرتبطة بالقضية القانونية الجارية، بل هدفنا حماية قدسية المسجد. ندعو جميع المسلمين في الأناضول للمشاركة، خاصة وأن شهر رمضان هو شهر الجهاد!”
السياق السياسي: هل هناك أبعاد خفية؟
هذه التطورات تأتي في وقت حساس سياسيًا، حيث يُنظر إلى إمام أوغلو كأحد أبرز المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة عام 2028، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الإجراءات القانونية ضده تحمل أبعادًا سياسية تهدف إلى إضعاف المعارضة. كما أن وجود انقسامات داخل حزب الشعب الجمهوري قد يجعل من إمام أوغلو هدفًا ليس فقط للسلطة، بل أيضًا لبعض الأطراف داخل حزبه.
تركيا أمام مرحلة مفصلية
مع استمرار هذه الأحداث، يبدو أن المشهد السياسي في تركيا يتجه نحو مزيد من الاستقطاب، حيث يتم توظيف المؤسسات القضائية والأمنية في صراع سياسي عميق. فهل ستؤدي هذه التطورات إلى تعزيز مكانة إمام أوغلو كرمز معارض، أم أنها ستسهم في إبعاده عن المشهد السياسي قبل انتخابات 2028؟

