شهد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً جلسة هامة ناقشت سجل حقوق الإنسان في تركيا، وانتهت بنتائج قد تكون ذات أهمية كبرى للضحايا، لكنها سيئة للمسؤولين والموظفين الذين خرجوا على القانون وتورطوا في أعمال تعذيب وغيرها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
عقدت الجلسة في مقر الأمم المتحدة بجنيف، حيث طُرحت قضايا تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا أمام المجلس الذي يضم 47 دولة. وركزت الجلسة على أوضاع حقوق الإنسان في تركيا يومي 23 و24 أكتوبر، بحضور وفد تركي مكون من 20 مسؤولاً، بينهم ممثلون عن وزارتي العدل والداخلية، حيث واجه الوفد أسئلة دقيقة وصعبة حول تقارير منظمات غير حكومية تركية، وشهادات فردية، وتقارير دولية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.
تسجيل أسماء المتهمين بالتعذيب
قام محققو الأمم المتحدة بمراجعة مستفيضة لتقارير منظمات حقوق الإنسان التركية على مدى ثلاثة أيام، وقرروا نشر ملخصات التقارير على الموقع الرسمي للأمم المتحدة. تضمنت التقارير أسماء أفراد متهمين بممارسة التعذيب، من بينهم بعض الأسماء التي تولت وظائف مهمة فيما سمته الحكومة التركية بـ”محاولة الانقلاب الفاشلة” في عام 2016 أو “الانقلاب المدبر” على حد وصف المعارضة التركية.
من بين أبرز الأسماء التي وردت في تقارير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة علي تركشان، وهو ضابط متهم بالتورط في أحداث التعذيب المتعلقة بالانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016، وزكائي أكساكالي، وهو قائد القوات الخاصة خلال الانقلاب، الذي ورد اسمه في تقارير عن إصدار أوامر بالتعذيب ضد المعتقلين، وطاهر دارباز أوغلو، المعروف بلقب “عزرائيل”، وهو أحد الذين تورطوا في عمليات التعذيب الموثقة.
وقد تم توثيق شهادات وأدلة على التعذيب بشكل علني، ما يجعلها مرجعاً قانونياً يمكن الاستناد إليه في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث إن أي قضية تحمل شبهة التعذيب من المتوقع أن تؤدي إلى حكم بانتهاك الحقوق دون الحاجة للدخول في تفاصيل القضية.
رد الوفد التركي
في ردهم على الأسئلة، نفى الوفد التركي وجود “تعذيب منهجي” في بلادهم، مدعياً أن أي حالات فردية ستتم معالجتها قانونياً داخل تركيا. ولكن هذا الادعاء لم يكن كافياً لمجلس حقوق الإنسان، الذي قدم أدلة موثقة تشير إلى أن التعذيب يمارس بشكل منهجي. كما تمت الإشارة إلى مواقع وأماكن محددة، مثل قاعدة استخباراتية في تركيا استخدمت للتعذيب تحت إشراف شخصية بارزة في الحكومة التركية.
الخطوة المقبلة
بعد هذه الجلسة، من المتوقع أن تقدم الأمم المتحدة أسئلة مكتوبة للوفد التركي في حال عدم تلقي إجابات واضحة، وهو ما قد يضع النظام التركي في موقف حرج أمام المجتمع الدولي.
هذه التطورات تمثل خطوة حاسمة في مسار العدالة الدولية سواء للمجرمين أو الضحايا، حيث تشكل هذه التقارير مرجعاً للضحايا، ودعماً لموقفهم أمام المحاكم الدولية.
ويرى مراقبون أن الحكومة التركية قد تضحي بموظفيها المتورطين في انتهاكات وأعمال تعذيب من أجل تخفيف الضغوط الدولية عليها.