في تطور جديد ضمن سلسلة التحقيقات القضائية التي تطال بلديات تابعة لحزب الشعب الجمهوري (CHP) المعارض في تركيا، أُعلن صباح اليوم عن اعتقال رئيس بلدية شيليه في إسطنبول، أوزغور كاباداي، إلى جانب أربعة من كبار مسؤولي البلدية، وهم: أوغوز كاشماز، تونجاي تولغا أوزتشاكماك، علي شافاك، وإيفرين بوتشان، بعد إحالتهم إلى قاضي الصلح الجزائي بطلب من النيابة العامة.
وتأتي هذه الاعتقالات بعد سلسلة مداهمات وتحقيقات أطلقت في 10 يوليو بحق ستة مشتبه بهم، بتهم تتعلق بتشكيل تنظيم إجرامي بغرض ارتكاب جرائم، وتلقي الرشوة، واستغلال النفوذ، والتلاعب في المناقصات العامة.
وثائق وصور تثير الجدل: تسريبات مرئية وصوتية
أفادت وكالة ديميرورين للأنباء (DHA)بنشر مقاطع فيديو وصور تُظهر محامي البلدية علي شافاك خلال تبادل مبلغ مالي مع شخص مجهول الهوية، يُشتبه أنه كان جزءاً من عملية رشوة. كما تضمن التسريب تسجيلاً صوتياً للحوار الذي دار أثناء اللقاء، وهو ما اعتُبر جزءاً من الأدلة المقدمة لدعم مزاعم الرشوة.
وفي إفادته أمام النيابة العامة، دافع شافاك عن نفسه قائلاً إنه يعمل بموجب عقد استشاري قانوني مع بلدية شيليه منذ مارس 2025، وأن مهمته تتضمن تقديم الدعم القانوني لإدارات البلدية المعنية بالتخطيط، والعقارات، والرقابة البلدية. وأضاف أنه يفضل الرد على أسئلة الرشوة أمام المحكمة، استناداً إلى المادة 58 من قانون المحاماة التركي التي تكفل له هذا الحق.
رئيس البلدية: فوّضت صلاحياتي ولا علم لي بالوقائع
من جانبه، حاول رئيس بلدية شيليه أوزغور كاباداي تبرئة نفسه من التهم المنسوبة إليه، موضحاً في إفادته أنه عند توليه منصب الرئاسة فوّض غالبية صلاحياته إلى نوابه، وأنه ليس على علم بأي مخالفات أو إجراءات غير قانونية. ولفت إلى أن الإشارات إلى “الرئيس” في بعض الشهادات لا تعنيه شخصياً، بل تعني نائبه تونجاي تولغا أوزتشاكماك.
دوافع قضائية أم تصعيد سياسي؟
طلب النيابة بتوقيف المتهمين الخمسة استند إلى الاشتباه في إمكانية تلاعبهم بالأدلة أو التواصل مع متهمين آخرين لإخفاء آثار الجريمة أو الهروب. هذا التطور أثار جدلاً سياسياً حاداً، خاصة أن التوقيفات طالت بلديات محسوبة على حزب الشعب الجمهوري، وفي وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويُذكر أن عدد رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري الذين أوقفوا منذ بدء الحملة بلغ حتى الآن17 رئيس بلدية، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، الذي يُعد أيضاً أبرز مرشحي المعارضة للرئاسة.
توقيت حرج وسياق سياسي متوتر
تأتي هذه الاعتقالات في ظل مناخ سياسي شديد الاستقطاب في تركيا، حيث تُتهم السلطات القضائية باستهداف البلديات المعارضة في سياق حملة سياسية تهدف إلى تقويض نفوذ حزب الشعب الجمهوري في الإدارة المحلية، لا سيما في إسطنبول التي تُعتبر مركز ثقل المعارضة. ويخشى مراقبون من أن تتحول هذه العمليات القضائية إلى أداة سياسية قبيل الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وسط تصاعد الانتقادات من قبل منظمات حقوقية وقانونية محلية ودولية.

