أعلنت السلطات التركية، صباح اليوم الإثنين، عن تنفيذ المرحلة الثالثة من التحقيقات الجارية في قضايا الفساد والرشوة المرتبطة بإدارة بلدية إسطنبول الكبرى (İBB).
وأسفرت العملية عن توقيف 22 شخصًا، بينهم موظفون حاليون في البلدية، على رأسهم رئيس دائرة الإعلام والنشر في بلدية إسطنبول، تانر تشَتين، وذلك على خلفية مزاعم بوجود تلاعبات ومخالفات مالية داخل شركتي مديا وكولتور التابعتين للبلدية.
النيابة العامة: اتهامات خطيرة تشمل تشكيل عصابة إجرامية واختلاس المال العام
في بيان رسمي، كشفت النيابة العامة في إسطنبول عن طبيعة الاتهامات التي طالت المعتقلين، والتي تضمنت تشكيل وإدارة منظمة إجرامية، والانضمام إلى منظمة إجرامية، والاختلاس والإثراء غير المشروع، والرشوة والاحتيال، وانتهاك سرية البيانات الشخصية، والتلاعب في المناقصات العامة.
وكانت النيابة قد فتحت هذه التحقيقات سابقًا ضد شخصيات بارزة في إدارة بلدية إسطنبول، يتقدمهم أكرم إمام أوغلو، الذي تم توقيفه يوم 19 مارس الماضي، ثم إيداعه السجن في 23 مارس برفقة عدد من كبار مسؤولي البلدية، في خطوة أثارت استنكارًا واسعًا في أوساط المعارضة والمجتمع المدني التركي.
تفاصيل الاتهامات الموجهة إلى تانر تشَتين: شبكة معقدة من الفساد
أشارت النيابة إلى أن تانر تشَتين، الذي ارتبط عمله برئيس البلدية إمام أوغلو منذ فترة رئاسته لبلدية “بيليك دوزو”، لعب دورًا محوريًا في تنظيم سلسلة من المناقصات لصالح شركات “قريبة منه”.
وتشير البيانات المزعومة التي قدمها جهاز MASAK (وحدة التحقيقات المالية التركية) إلى أن تشَتين نسّق منح عقود لشركات محددة مقابل رشى مالية، واستغل النفوذ الوظيفي لشراء ممتلكات منقولة وغير منقولة بأموال مشبوهة المصدر، وفرض على الشركات المتعاقدة مع البلدية دفع أثمان مشترياته الشخصية، وتم رصد تحويلات مالية مباشرة من تلك الشركات إلى موظفين آخرين في البلدية.
خلفية سياسية: استمرار الضغوط على إدارة إمام أوغلو وتوقيت لافت
تأتي هذه التطورات في ظل مناخ سياسي مشحون، حيث تُتهم الحكومة التركية باستخدام القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية والبلدية المقبلة، والتي يُتوقع أن يلعب فيها إمام أوغلو دورًا مركزيًا.
المعارضة من جهتها، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري (CHP)، تصف الاعتقالات بأنها “انتقام سياسي موجه” يستهدف إرادة الناخبين في المدن الكبرى، لاسيما إسطنبول التي انتُزعت من يد حزب العدالة والتنمية في 2019 بعد سيطرة استمرت لأكثر من 25 عامًا.
الشارع التركي منقسم بين “حملة مكافحة فساد” و”هجمة سياسية منظمة”
تباينت ردود الأفعال الشعبية حيال هذه الحملة القضائية، بين من يرى فيها تحقيقًا حقيقيًا في ملفات فساد مستشرية، وبين من يعتبرها محاولة ممنهجة لإسقاط أحد أبرز رموز المعارضة.
وقد أثارت الاعتقالات موجة انتقادات في الداخل والخارج، لاسيما بعد تزامنها مع تظاهرات حاشدة في مدن تركية مثل إزمير، دعماً لإمام أوغلو، ومطالبة باحترام مبادئ “العدالة واستقلال القضاء”.

