في تطورات ملفتة في المشهد المحلي التركي، أعلنت وزارة الداخلية تعيين زيد شَنَر، قائم مقام منطقة “أكيدنيز” في ولاية مرسين، وصيًا على بلدية “أكيدنيز”، وذلك عقب اعتقال رئيسي البلدية المشتركيْن هوشيار صاري يلديز ونورية أصلان بتهم تتعلق بالإرهاب.
تعيين وصي على بلدية أكيدنيز
أعلنت وزارة الداخلية التركية، في بيان رسمي، تعيين زيد شَنَر وصيًا على بلدية أكيدنيز التابعة لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب المؤيد للأكراد، بعد أن أصدرت محكمة الصلح والجزاء الأولى في مرسين قرارًا يقضي بحبس رئيسي البلدية بتهم تتضمن الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة، والدعاية لصالح تنظيم إرهابي، ومخالفة قانون مكافحة تمويل الإرهاب، وانتهاك قانون الاجتماعات والتظاهرات العامة.
وأوضحت الوزارة في بيانها أن هذا الإجراء جاء استنادًا إلى المادة 127 من الدستور التركي والمادتين 45 و47 من قانون البلديات رقم 5393 بهدف ضمان استمرارية الخدمات البلدية في ظل غياب القيادة المنتخبة.
تأتي هذه الخطوة في ظل محادثات السلام الكردي التي تجري بين وفد من الحزب الكردي والأحزاب السياسية الأخرى، بعد دعوة زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، حليف الحكومة من الخارج، بموافقة من الرئيس رجب طيب أردوغان، وسط مخاوف من تكرار الفشل في المفاوضات الجارية.
تحقيقات الفساد في بلديات إسطنبول
على صعيد آخر، شنت السلطات الأمنية التركية حملة واسعة النطاق استهدفت مسؤولين محليين في إسطنبول، بينهم رئيس بلدية “بشكتاش” رضا أكبولاط التابع لحزب الشعب الجمهوري.
جاءت هذه الحملة ضمن تحقيقات تقودها النيابة العامة في إسطنبول ضد منظمة يُزعم أنها كانت تدير عمليات فساد ممنهجة بقيادة المدعو عزيز إحسان أكتاش. تضمنت التهم الموجهة للمنظمة وأعضائها تشكيل وإدارة منظمة إجرامية، وتقديم وقبول الرشوة، والتلاعب في المناقصات العامة، وغسيل الأموال، والتهرب الضريبي.
وفقًا للنيابة العامة، فقد أثبتت التحقيقات التي استمرت ثلاثة أشهر تورط المنظمة في عمليات فساد واسعة، شملت التدخل غير المشروع في إعداد المناقصات لصالح شركات مرتبطة بالمنظمة، والتلاعب بالمستندات السرية، وضمان فوز هذه الشركات بالعقود البلدية.
التفاصيل المرتبطة بالمتهمين
أصدرت السلطات أوامر اعتقال بحق 47 شخصًا، بينهم رؤساء بلديات ومسؤولون كبار في الإدارات المحلية، وشملت القائمة رئيس بلدية بشكتاش رضا أكبولاط، والرئيس السابق لبلدية أسنيورت أحمد أوزَر، الذي يواجه بالفعل قضايا أخرى مرتبطة بعضويته المزعومة في تنظيم إرهابي.
كما طالت التحقيقات مسؤولين آخرين في شركة “بَلْتاش” التابعة لبلدية بشكتاش، حيث يواجهون اتهامات بالتلاعب بالمناقصات وقبول الرشاوى بشكل منتظم.
انتقاد لاذع من أكرم إمام أوغلو
أثار قرار النيابة العامة في إسطنبول توقيف رئيس بلدية بشكتاش، رضا أكبولاط، ضمن تحقيقات تتعلق بمزاعم فساد في المناقصات، موجة من الانتقادات، كان أبرزها من رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو، الذي وصف الإجراءات بأنها محاولة للتلاعب بالرأي العام واستخدام القضاء كأداة ضغط سياسي.
في منشور له على منصة إكس، عبّر إمام أوغلو عن اعتراضه الشديد على طريقة تنفيذ القرارات القضائية، مشيرًا إلى أن اعتقال المسؤولين المحليين، الذين يمكنهم تقديم إفاداتهم طوعًا عند الطلب، بطريقة استعراضية في ساعات مبكرة من الصباح يهدف إلى تشويه صورتهم أمام الرأي العام.
وأضاف إمام أوغلو: “المسؤولون الحكوميون ورؤساء البلديات الذين يمكنهم المثول طوعًا للتحقيق يُعتقلون بعمليات فجائية مع تسريب معلومات غير دقيقة للإعلام الموالي، وفرض سرية على التحقيقات لإعاقة الوصول إلى المعلومات الصحيحة. وبعد كل ذلك، لا تبقى سوى حجج واهية لا تقنع أحدًا”.
كما أشار إمام أوغلو إلى أن رئيس بلدية بشكتاش، رضا أكبولاط، وعددًا من المسؤولين المحليين خضعوا للإجراء ذاته، معتبرًا أن الهدف من هذه الخطوات هو خلق انطباعات زائفة لدى الجمهور، وختم بقوله: “من يسعى لاستخدام القانون لأغراض سياسية، لن يكون إجراءه قانونيًا. نحن نقف إلى جانب رئيس بلديتنا، وسنتابع العملية القضائية حتى النهاية لكشف كل الانتهاكات القانونية”.
جدل سياسي وقانوني واسع
يرى مراقبون أن هذه القضية تتجاوز أبعادها القضائية، حيث تتداخل مع الصراعات السياسية بين الحكومة وأحزاب المعارضة التي تسيطر على بعض البلديات الكبرى.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة التزامها بمحاربة الفساد وضمان الشفافية، تشير المعارضة إلى أن هذه التحقيقات مسيسة وتستهدف تقويض رؤساء البلديات المنتخبين ديمقراطيًا، مما يطرح السؤال عما إذا كانت هذه الإجراءات ستسهم في تعزيز الثقة بالمؤسسات القانونية أم أنها ستزيد من حدة الاستقطاب السياسي في البلاد.