أصدر المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي (RTÜK) قرارًا بفرض حظر بث لمدة 10 أيام على قناة سوزجو TV، إضافة إلى عقوبات على ثلاث قنوات معارضة أخرى، بسبب تغطيتها للاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
عقوبات قاسية ضد وسائل الإعلام المعارضة
وجاءت العقوبات التي أقرها المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون خلال اجتماعه يوم الأربعاء، حيث اعتُبر قرار إيقاف سوزجو TV عن البث لمدة 10 أيام من أشد العقوبات التي تعرضت لها القناة، إذ يُلزم القرار القناة بعرض شاشة سوداء مصحوبة ببيان رسمي يوضح تفاصيل العقوبة.
وأكد إلهان تاشجي، عضو المجلس عن حزب الشعب الجمهوري (CHP) المعارض، أن القرار جاء نتيجة البث المباشر والتعليقات التي قدمتها القناة حول الاحتجاجات في إسطنبول وأنقرة وإزمير، مشيرًا إلى أن السلطات اتهمت القناة بـ “التحريض على الكراهية والعداء بين المواطنين”. ووصف تاشجي العقوبة بأنها “خطوة قبل إلغاء الترخيص تمامًا”، محذرًا من أن تكرار القناة لنفس المخالفة قد يؤدي إلى إغلاقها نهائيًا.
إجراءات تأديبية بحق قنوات أخرى
إلى جانب سوزجو TV، فرض المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون عقوبات على قناتي خلق TV وتيلي 1، حيث تم تعليق خمسة برامج من البث على كل قناة، بالإضافة إلى غرامات مالية تصل إلى 5% من عائدات الإعلانات الشهرية. ووفقًا للمجلس، فإن السبب وراء هذه العقوبات هو بث القناتين خطابًا لزعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، انتقد فيه الحكومة ودعا إلى مقاطعة اقتصادية، وهو ما اعتبره المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون محاولة لـ “إثارة الانقسام في المجتمع”.
كما شملت العقوبات قناة ناو TV، التي فُرضت عليها غرامة تعادل 2% من إجمالي إيراداتها الشهرية، بسبب تصريحات أدلى بها محللون خلال برنامج “الصفحة الوسطى” (Orta Sayfa)، حيث أشاروا إلى تدخل سياسي محتمل في الإجراءات القضائية ضد إمام أوغلو.
استهداف الصحفيين والمنصات الرقمية
إضافة إلى ذلك، فرض المجلس غرامات على خلق TV وتيلي 1 بسبب انتقادات وجهها صحفيون خلال برامجهم لرئيس المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، أبوبكر شاهين، وحلفائه في الحكومة.
في المقابل، لم يتخذ المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون أي إجراءات ضد وسائل الإعلام الموالية للحكومة، مثل قناة TRT Haber الرسمية وقناة A Haber، رغم تقديم شكاوى تتهم هذه القنوات بنشر تغطية منحازة تهدف إلى تشويه صورة المتظاهرين واتهامهم بالعنف.
ولم تقتصر العقوبات على القنوات التلفزيونية، حيث هدد المجلس بحجب بعض المنصات الرقمية، بما في ذلك قنوات Flu TV والصحفي فاتح ألتايلي على يوتيوب، ما لم يتقدموا بطلب للحصول على تراخيص بث خلال 72 ساعة.
نفي رسمي وسط اتهامات بالرقابة
تأتي هذه الإجراءات في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات في تركيا، حيث يشارك عشرات الآلاف في مظاهرات منددة باعتقال إمام أوغلو وما يعتبرونه تضييقًا على الحريات السياسية والإعلامية.
وكان المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون قد أصدر تعليمات شفوية لبعض القنوات بوقف البث المباشر للاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن بعض المحطات رفضت الالتزام بذلك دون توجيه رسمي مكتوب. وبعد انتشار هذه الأنباء، نفى مركز مكافحة التضليل الإعلامي (DMM) التابع للحكومة وجود أي رقابة إعلامية، لكنه لم يقدم ردًا على المزاعم التي أثيرت في التقارير الصحفية.
من جانبه، وصف جعفر ماهر أوغلو، مالك قناة خلق TV، العقوبات الأخيرة بأنها “آخر محطة قبل إغلاق القنوات بشكل نهائي”، متهمًا المجلس بتنفيذ ما وصفه بـ “تهديدات مستمرة منذ أيام ضد الإعلام المستقل”.

