أقدمت السلطات التركية على حجب الوصول إلى حسابات العديد من وسائل الإعلام المؤيدة للأكراد على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثار انتقادات حادة وشكوكًا حول جدية الحكومة في معالجة النزاع الكردي المستمر منذ عقود، وفقًا لتقرير صادر عن مركز ستوكهولم السويدي للحرية.
تفاصيل الحجب واستهداف وسائل الإعلام
شملت القيود حسابات وكالة ميزوبوتاميا (MA)، ووكالة “جين نيوز” (JINNEWS)، وصحيفة “يني ياشام” (Yeni Yaşam)، ومنصة “سياسي خبر”.
تم حجب حساب وكالة ميزوبوتاميا باللغة التركية (@Maturkce) على منصة إكس، والذي يتابعه أكثر من 263 ألف مستخدم، بالإضافة إلى موقعها الإلكتروني (mezopotamyaajansi40.com) في 27 ديسمبر. كما تم تعطيل قناتها على يوتيوب التي تضم 148 ألف مشترك داخل تركيا بناءً على طلب الحكومة.
واجهت “جين نيوز” و”سياسي خبر” قيودًا مماثلة، حيث تم حجب حساباتهما على إكس ومواقعهما الإلكترونية، بعد حجب حساباتهما على إنستغرام ويوتيوب في وقت سابق. ورغم هذه الإجراءات، لم تقدم السلطات التركية أي تفسير رسمي لهذه القيود.
توقيت مثير للجدل وسط مؤشرات على تحركات نحو الحل
تزامنت هذه الخطوة مع إشارات من مسؤولين حكوميين إلى احتمال حدوث تحول نحو حل النزاع الكردي الذي أودى بحياة عشرات الآلاف منذ عام 1984. في خطوة غير مسبوقة، اقترح دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية وحليف الرئيس رجب طيب أردوغان، في أكتوبر الماضي، رفع القيود المفروضة على عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) المسجون.
ألمح بهجلي إلى إمكانية ظهور أوجلان في اجتماع برلماني للحزب المؤيد للأكراد لإعلان حل حزب العمال الكردستاني، ما قد يمثل نهاية لعقود من العنف. كما أشار إلى احتمال اتخاذ إجراءات تشريعية لتمهيد الطريق للإفراج عن أوجلان إذا أقدم على هذه الخطوة.
أردوغان دعم دعوة بهجلي، واصفًا الوضع الحالي بأنه “فرصة تاريخية” لحل القضية الكردية، التي ترتبط بمطالب الأكراد بالاعتراف بحقوقهم المتساوية في تركيا.
تناقض بين الخطاب والإجراءات
ومع ذلك، فإن حملة الحجب الأخيرة على وسائل الإعلام الكردية تناقض هذا التوجه. ويرى منتقدون أن هذه الإجراءات تكشف عن تردد الحكومة في تبني إصلاحات حقيقية، حيث تستمر في اتباع سياسات قمعية تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة.
ردود فعل غاضبة من منظمات وصحفيين
أدانت جمعية صحفيي دجلة والفرات (DFG) قرارات الحجب، واصفةً إياها بأنها “رقابة” وهجوم على حرية الصحافة. وقالت الجمعية في بيان: “هذه القرارات تعني فرض رقابة شاملة. سنواصل الدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ضد هذه السياسات القمعية”.
كما استنكر حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب القرار عبر حسابه على منصة إكس، واصفًا إياه بأنه “قرار مخزٍ”، مضيفً: “لا يمكن لأي قوة أن تقمع الحقيقة أو حرية الصحافة أو الصحافة المستقلة”.
تناقضات تعيق مسار السلام
تأتي هذه الإجراءات في وقت حساس يتسم بمحاولات لاستئناف عملية السلام الكردي وإنهاء العنف. ومع ذلك، فإن تناقض الخطاب الحكومي مع الممارسات الميدانية، مثل قمع وسائل الإعلام، يعزز الشكوك حول نوايا السلطات وقدرتها على تحقيق تسوية سياسية تعالج جذور القضية الكردية.