تعتزم تركيا إعادة فتح سفارتها في دمشق يوم السبت، بعد أسبوع تقريبًا من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد على يد قوات مدعومة من أنقرة، وبعد 12 عامًا من إغلاق البعثة الدبلوماسية إثر اندلاع الحرب الأهلية في سوريا.
جاء هذا التطور بينما تجمع دبلوماسيون من الشرق الأوسط والغرب في الأردن لإجراء محادثات رفيعة المستوى حول الوضع السوري، وبعد يوم من احتفالات شعبية في سوريا بمناسبة سقوط حكم الأسد، حيث أكدوا ضرورة تبني عملية انتقالية سياسية سلمية في سوريا.
عودة دبلوماسية وتحولات إقليمية
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن القائم بالأعمال الجديد، برهان كوروغلو، غادر إلى سوريا يوم الجمعة، حيث من المقرر أن تكون السفارة جاهزة للعمل في اليوم التالي. وأشار فيدان إلى أن أنقرة سعت إلى طمأنة روسيا وإيران بعدم التدخل العسكري أثناء الهجوم السريع الذي شنته الفصائل الإسلامية بقيادة “هيئة تحرير الشام”، القوة الرئيسية التي ساهمت في الإطاحة بالأسد.
وقال فيدان في مقابلة تلفزيونية: “كان من المهم للغاية الحديث مع الروس والإيرانيين لضمان عدم تدخلهم عسكريًا… وقد تفهموا الأمر”.
لقاءات دبلوماسية في الأردن
اجتمع دبلوماسيون أتراك مع نظرائهم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعالم العربي في مدينة العقبة الأردنية، حيث دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، المشاركين إلى تقديم مساعدات إنسانية والعمل على منع انهيار مؤسسات الدولة. وقال: “إذا تمكنّا من تحقيق ذلك، فقد تكون هناك فرصة جديدة للشعب السوري”.
شارك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي يجري جولة إقليمية تركز على الأزمة السورية، في اجتماع العقبة أيضًا. وفي سياق متصل، أعلنت قطر أنها سترسل وفدًا إلى سوريا يوم الأحد للقاء مسؤولين في الحكومة الانتقالية ومناقشة تقديم المساعدات وإعادة فتح سفارتها، مما يعكس نهجًا متمايزًا عن الدول العربية الأخرى التي كانت قد أعادت علاقاتها مع الأسد قبل سقوطه.
احتفالات بانتهاء حكم الأسد
على الأرض، احتفل السوريون بسقوط النظام في ما أطلقوا عليه “جمعة النصر”، حيث أضاءت الألعاب النارية سماء دمشق والمدن الأخرى مثل حمص وحماة وإدلب. وامتلأت ساحة الأمويين بالسيارات والحشود وهم يلوّحون بالأعلام ويطلقون الهتافات.
وفي حلب، قال أحمد عبد المجيد، مهندس يبلغ من العمر 39 عامًا، إنه عاد من تركيا ليشهد هذه اللحظة التاريخية، مضيفًا: “لقد ذرف السوريون دموع الفرح… إنهم يستحقون السعادة”.
الكشف عن إرث القمع والمعتقلات
مع انتهاء حقبة الأسد، بدأت الجهود للكشف عن الجرائم التي ارتكبها النظام، بما في ذلك شبكة مراكز الاعتقال وأماكن التعذيب. وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها وثقت أكثر من 35,000 حالة اختفاء قسري خلال فترة حكم الأسد، مشيرة إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
وقال أبو محمد، أحد المواطنين الذين يبحثون عن أقارب مفقودين، لوكالة الأنباء الفرنسية أثناء زيارته قاعدة المزة الجوية: “نريد مجرد تلميح عن مكان وجودهم”.
التحديات الإنسانية والاقتصادية
ورغم الفرحة بزوال النظام، يواجه السوريون تحديات كبيرة، من نقص الاحتياجات الأساسية إلى تداعيات الحرب والعقوبات والتضخم الجامح. وأعلن الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة عن إطلاق “جسر جوي” لتوصيل 50 طنًا من الإمدادات الصحية عبر تركيا كدفعة أولى.
تصاعد التوترات الإقليمية
استمرت الهجمات الإسرائيلية داخل سوريا بعد سقوط الأسد، حيث استهدفت غارات جوية منشآت عسكرية في ضواحي دمشق ومواقع أخرى، في محاولة لتدمير القدرات المتبقية للجيش السوري السابق.
وأكدت مصادر عسكرية أن الجيش الإسرائيلي عزز وجوده في المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان، في خطوة اعتبرتها الأمم المتحدة انتهاكًا لاتفاقية الهدنة لعام 1974.
هذا المشهد المعقد يعكس التحديات المقبلة أمام سوريا والمنطقة، مع تداخل الملفات الإنسانية والسياسية في مرحلة ما بعد الأسد.