قامت السلطات التركية الأسبوع الماضي بترحيل فاطمة الموسى، وهي أم سورية لخمسة أطفال، إلى سوريا، تاركة أطفالها في تركيا، وفقًا لما نقله مركز ستوكهولم السويدي للحرية عن موقع “قرار” الإخباري التركي.
التحقيقات الجارية وانتهاك القوانين
كانت الموسى تخضع لتحقيق قانوني بسبب قضية تتعلق بأطفالها، إلا أن التحقيق لم يكن قد انتهى بعد. وأكدت محاميتها يغمور كراجوز أن عملية الترحيل تخالف القوانين التركية والدولية، حيث لم يتم استكمال الإجراءات القانونية بحق موكلتها.
وقالت كراجوز: “موكلتي أُطلق سراحها من قبل النيابة العامة، لكنها نُقلت إلى مركز الترحيل فقط لأنها أجنبية. ترحيلها بينما القضية القانونية لا تزال مفتوحة ينتهك حقها في محاكمة عادلة ومبدأ افتراض البراءة.”
وفقًا للمادة 59 من قانون الأجانب والحماية الدولية في تركيا، يحق للمهاجرين الحصول على تمثيل قانوني ومراجعة قضائية قبل تنفيذ الترحيل، مما يجعل عمليات الترحيل التي تتم دون استنفاد هذه الخيارات القانونية غير مشروعة.
ظروف الترحيل وواقع الأسرة
فاطمة الموسى، التي فرت من مدينة حلب عام 2014 برفقة زوجها وأطفالها، كانت تعيش في إسطنبول تحت الحماية المؤقتة، ثم اعتُقلت في أواخر أكتوبر بسبب قضية تتعلق بأطفالها، وأمرت النيابة بالإفراج عنها، لكنها نُقلت إلى السلطات المختصة بالهجرة لتقرر ترحيلها. وبعد ستة أسابيع قضتها في مركز الترحيل في منطقة تشاطالجا بإسطنبول، تم إرسالها إلى سوريا الأسبوع الماضي.
وأوضحت كراجوز أن موكلتها أُجبرت على توقيع وثيقة “عودة طوعية”، رغم عدم رغبتها في مغادرة تركيا، وأضافت: “الموسى كانت أمًا لخمسة أطفال صغار، أصغرهم يبلغ من العمر أربع سنوات، وزوجها كان في حالة صحية حرجة. التوقيع الطوعي على هذه الوثيقة في ظل هذه الظروف أمر غير منطقي.”
مصير الأسرة بعد الترحيل
يعيش أطفال الموسى الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و4 سنوات، الآن في تركيا بدون والديهم. بعد أربعة أيام من احتجاز الموسى، أصيب زوجها حسين جاسم بنوبة قلبية أُدخل على إثرها إلى العناية المركزة، وتوفي في الثالث من يناير، تاركًا الأطفال أيتامًا.
يتولى الابن الأكبر، أسامة الموسى، البالغ من العمر 18 عامًا، مسؤولية رعاية إخوته، حيث يعمل في وظائف مؤقتة لتأمين احتياجاتهم.
وقال أسامة: “فصلونا عن والدتنا دون أي تحذير. اكتشفنا أنها رحّلت عندما اتصلت بنا من سوريا. منزلنا في حلب مدمّر، ووالدتنا لا تملك مكانًا تأوي إليه. إخوتي بحاجة ماسة لوالدتهم، لكني أعجز عن تأمين احتياجاتنا بسبب مسؤوليتي في رعايتهم.”
انتقادات لسياسات الهجرة التركية
انتقدت المحامية كراجوز تصرفات السلطات التركية، مشيرة إلى أن المهاجرين يتم ترحيلهم دون إبلاغ ممثليهم القانونيين، مما يمنعهم من تقديم استئناف، وتابعت: “هذا جزء من نمط أوسع يتمثل في ترحيل المهاجرين، حتى أولئك الذين لديهم قضايا قانونية قيد النظر، إلى مراكز الترحيل ومن ثم إعادتهم دون مراجعة قانونية مناسبة.”
المهاجرون السوريون في تركيا
تستضيف تركيا نحو 3.5 ملايين لاجئ سوري منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011. ورغم أن السوريين حصلوا في البداية على حماية مؤقتة ورُحّب بهم، إلا أن التوترات الاجتماعية والسياسية ازدادت مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.
استغل بعض الأحزاب المعارضة المشاعر المناهضة للمهاجرين لتحقيق مكاسب سياسية، مما أدى إلى زيادة جرائم الكراهية ضد اللاجئين، وأسفر ذلك عن إصابات ووفيات في بعض الحالات.
وفي ظل هذا الضغط، أعلنت الحكومة التركية عن إجراءات أكثر صرامة وبرامج “عودة طوعية” للمهاجرين، إلا أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان يتهمون السلطات بإجبار المهاجرين على توقيع وثائق العودة الطوعية تحت الإكراه.