في خطوة تحمل أبعاداً نفسية وسياسية، ألقت طائرات حربية تركية، يوم الثلاثاء، منشورات على مناطق جبلية في محافظة دهوك شمال العراق، دعت فيها عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى الاستسلام، مشيرة إلى النداء الأخير الصادر عن زعيمهم المعتقل عبد الله أوجلان.
وقد نُثرت المنشورات، المكتوبة باللغتين التركية والكردية، فوق منطقتي جبل متين وجبل قارة في قضاء العمادية، وهي مناطق تُعد من المعاقل التقليدية للحزب. ونقلت مصادر محلية لموقع “شفق نيوز” أن المنشورات حضّت المسلحين على “الاستجابة لنداء أوجلان” وترك العمل المسلح، مع وعود بمعاملة متساهلة لمن يسلم نفسه.
نداء أوجلان: تغيير المسار التاريخي؟
يأتي هذا التطور بعد نحو شهرين من النداء الذي وجّهه عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، في بيان قرأه نواب من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب خلال مؤتمر صحفي بإسطنبول عقب زيارة نادرة له في سجن إيمرالي.
في البيان، دعا أوجلان إلى إنهاء الكفاح المسلح والتحوّل إلى العمل السياسي السلمي، معتبراً ذلك “مسؤولية تاريخية” تقع على عاتق الحزب، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تفرض تغييراً في النهج بما يخدم السلام والديمقراطية.
ردود فعل دولية وتحولات استراتيجية
وقد حظي بيان أوجلان باهتمام دولي واسع، إذ وصفه البيت الأبيض بأنه “تطور كبير”، معبّراً عن أمله في أن يسهم في خفض التوتر في المنطقة، لاسيما بين تركيا والقوى الكردية المسلحة المدعومة أمريكياً في شمال شرقي سوريا.
من جهتها، تواصل تركيا عملياتها العسكرية في شمال العراق ضد قواعد الحزب الممتدة في المناطق الجبلية النائية قرب الحدود. غير أن إلقاء المنشورات يشير إلى تحوّل لافت من الأساليب العسكرية التقليدية نحو أدوات الحرب النفسية والرسائل السياسية، في مسعى واضح من أنقرة لإضعاف الذراع العسكرية للحزب من الداخل.
خلفية الصراع والتحديات المتبقية
يُذكر أن حزب العمال الكردستاني يخوض صراعاً مسلحاً ضد الدولة التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي سعياً لتحقيق حكم ذاتي للأكراد، وهو مصنف كتنظيم إرهابي من قبل تركيا وعدد من الدول الغربية. وتُعد خطوة تفعيل خطاب أوجلان ضمن أدوات الضغط الداخلي محاولة لتفكيك الحزب من خلال زعزعة شرعية العمل المسلح لدى قاعدته.
ومع بقاء آلاف المقاتلين في الجبال وتداخل الملف مع ملفات الأمن الإقليمي والتحالفات الدولية، لا تزال فرص إنهاء النزاع رهناً بتعقيدات داخلية وخارجية يصعب تجاوزها في المدى المنظور.

