شهدت أنقرة وإسطنبول خلال عطلة نهاية الأسبوع موجة جديدة من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، تخللتها تدخلات أمنية أسفرت عن توقيف 11 شخصاً بشكل مؤقت.
التحركات تأتي في ظل ضغط شعبي متزايد على الحكومة التركية لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً ضد إسرائيل، وسط تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستمرار الجدل حول مدى التزام أنقرة بقرار حظر التجارة مع تل أبيب.
الاحتجاجات في أنقرة: اعتقال نشطاء أمام المجمع الرئاسي
اعتقلت السلطات التركية يوم السبت خمسة نشطاء من “جمعية قوس قزح” و”منصة مسيرة فلسطين” (3 نساء و2 رجال) بينما كانوا ينظمون احتجاجا أمام المجمع الرئاسي في أنقرة، مطالبين بالسماح لهم بتسليم رسالة للرئيس رجب طيب أردوغان تدعو إلى قطع العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل، واتخاذ خطوات أكثر حسماً لإنهاء حصار غزة. لكن الشرطة طوقت النشطاء فور وصولهم ونقلتهم إلى مركز قريب، قبل الإفراج عنهم في اليوم نفسه دون توجيه تهم رسمية، الخطوة التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها انتهاك للحق الدستوري في تقديم العرائض.
الاحتجاجات في إسطنبول: لافتة على برج غلطة التاريخي
من جانب آخر، أقدم الصحفي والكاتب آدم أوزكوسه وخمسة نشطاء من جمعية “موشتو جنجلك” الأحد على نشر لافتة على برج غلطة التاريخي وسط إسطنبول كتب عليها “أوقفوا الجوع في غزة” لجذب الانتباه إلى أزمة المجاعة في القطاع. غير أن الشرطة أوقفتهم خلال دقائق بدعوى عدم الحصول على ترخيص وفق قانون الاجتماعات العامة رقم 2911، وأفرجت عنهم في وقت لاحق من اليوم نفسه.
التظاهرات الجماهيرية في عموم تركيا
كما شهدت مدينة إسطنبول مسيرة بالشموع من ساحة بايزيد إلى آيا صوفيا، شارك فيها الآلاف تضامناً مع الفلسطينيين، بينما توافد عشرات الآلاف إلى مسجد كوجاتبه في أنقرة ثم ساروا نحو البرلمان للمطالبة بفتح ممرات برية وبحرية وجوية لإيصال المساعدات إلى غزة.
الوضع الإنساني في غزة: أرقام كارثية
بلغ عدد الضحايا منذ أكتوبر 2023 أكثر من 61,400 قتيل و153,200 جريح، وفق وزارة الصحة في غزة، وتسببت المجاعةفي وفاة 98 طفلاً بسوء التغذية الحاد منذ يوليو، بحسب الأمم المتحدة، التي وصفت الوضع بأنه “جوع، وبكل بساطة”.
شهد الأسبوع الأخير مقتل 38 فلسطينياً أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، بعضهم برصاص تحذيري إسرائيلي أو بغارات مباشرة، كما كشفت المعطيات أنه لم يتبق سوى 1.5٪ من الأراضي الصالحة للزراعة في غزة، مما يفاقم أزمة الغذاء.
الجدل حول التجارة التركية-الإسرائيلية
وفقا للبيانات الإسرائيلية، بلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل 393.7 مليون دولار بين يناير ومايو 2025، رغم إعلان الحظر في مايو 2024. واحتلت تركيا في ضوء إحصاءات 2024 المرتبة الخامسة بين أكبر مصدري السلع لإسرائيل بقيمة 2.86 مليار دولار، وفق بيانات “UN Comtrade”.
لكن وزارة الطاقة التركية تنفي استمرار التصدير وتصف الأرقام بـ”المغلوطة” الناتجة عن أخطاء تقنية أو في التقارير، في حين يرى المعارضون والنشطاء أن استمرار العلاقات التجارية — حتى إن كانت عبر طرق غير مباشرة — يقوض الموقف التركي المعلن ويجعل الدعم لفلسطين خطاباً رمزياً أكثر منه سياسة فعلية.
تطورات سياقية أخيرة
يستمر تنظيم فعاليات ليلية في عدة مدن تركية دعماً لغزة، مع تزايد الدعوات لمقاطعة الشركات المتعاملة مع إسرائيل، كما أن منظمات إنسانية تركية تكثف جهودها لإرسال مساعدات عبر معابر بديلة، في ظل تعثر الممرات الرسمية، وتطالب المعارضة بإخضاع ملف التجارة مع إسرائيل لتدقيق برلماني شامل وكشف المسارات البديلة المحتملة للتصدير.

