عقدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للكونغرس الأمريكي جلسة استماع علنية سلطت الضوء على الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في تركيا، تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
ترأس الجلسة النائب الجمهوري كريس سميث، الذي استهلها بتأكيد أن آلاف السجناء السياسيين في تركيا يقبعون خلف القضبان، بسبب انتماءاتهم لحركة “الخدمة” أو لهويتهم الكردية، مشيراً إلى اقتراب طرح قانون “مكافحة القمع العابر للحدود”، الذي سيفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المنخرطة في مطاردة المعارضين خارج بلادهم.
قمع ممنهج داخل وخارج تركيا
في شهادته، شدد د. ألب أصلان دوغان، مدير “تحالف القيم المشتركة”، على أن استهداف حركة “الخدمة” ليس نابعاً من خلاف فكري، بل هو جزء من سياسة حكومة ممنهجة تسعى إلى إسكات أي نشاط مدني مستقل.
وأشار أصلان دوغان إلى أن السلطات التركية فتحت أكثر من 2 مليون تحقيق أمني منذ محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016، وأطلقت 705,172 قضية تحقيق، وأصدرت 125,456 حكماً قضائياً، مع استمرار سجن قرابة 13,000 شخص، وأغلقت 1600 مدرسة، و15 جامعة، وأكثر من 500 جمعية مدنية.
كما ذكر أصلان دوغان ما يعرف في تركيا بقضية “الفتيات الصغيرات” التي شملت اعتقال 41 شابة بسبب أنشطة دينية واجتماعية، وتنتظر حاليا حكماً نهائياً في 13 يونيو 2025.
أصلان دوغان لفت كذلك إلى تجاهل الحكومة التركية قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وخاصة ما يتعلق باستخدام تطبيق “بايلوك” أو الإيداع في “بنك آسيا” كأدلة جنائية، وهو ما يُعد انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي.
الرقابة الرقمية: من الحجب إلى الحذف العالمي
في جانب آخر من شهادته، تحدث أصلان دوغان عن ضغوط الحكومة التركية على منصات مثل YouTube وMeta، ما أدى إلى حذف دائم للمحتوى المعارض ليس فقط داخل تركيا، بل على مستوى عالمي. وأضاف: “لم يعد القمع الرقمي يتعلق بحظر الوصول، بل بحذف الصوت من جذوره في الفضاء الرقمي العالمي”، مشيراً إلى تغيّر طبيعة السيطرة الإعلامية في تركيا.
أنس كانتر فريدوم: قصتي ليست استثناءً
لاعب أن بي أي السابق والناشط الحقوقي أنس كانتر فريدوم قدم شهادة مؤلمة عن تجربته مع القمع، شملت12 مذكرة توقيف بحقه، وسحب جواز سفره، ووضع مكافأة مالية (500 ألف دولار) لمن يدل عليه)، ومطاردة دولية عبر الإنتربول، وتهديدات لعائلته. لكنه شدد على أن هذه التجربة “ليست قصته فقط، بل قصة ملايين يعيشون في صمت”.
قدم فريدوم الأمريكي من أصول تركية نماذج لحالات إنسانية حرجة:
- إبراهيم غونغور (71): مريض ألزهايمر متقدم، لا يتعرّف على ابنته ويُجبر على البقاء في السجن رغم تقرير طبّي بضعف قدرته على العناية بنفسه.
- أوزلم دوزنلي (36): معتقلة مع طفلها الرضيع في ظروف غير صحية، فقط بسبب تحويل مبلغ 2.5 دولار إلى بنك أسيا التابع لحركة الخدمة.
- خديجة دوغرو: حامل ومصابة بمرض قلبي، معتقلة فقط لحضورها مناسبة اجتماعية.
- كامل آجار: معلم معتقل منذ 8 سنوات، يعاني من فشل كلوي داخلي دون إفراج رغم استحقاقه المشروط.
مايكل روبين: تركيا لم تعد شريكاً استراتيجياً
الخبير في معهد “أمريكان إنتربرايز”، د. مايكل روبين، وجّه نقداً لاذعاً لتركيا، معتبراً أنها أصبحت “عبئاً استراتيجياً” على الولايات المتحدة.
واتهم روبين أردوغان بدعم حماس، والتغاضي عن داعش، ودعم جماعات متطرفة في جنوب آسيا، في الوقت الذي يواصل فيه وصم معارضين سلميين بالإرهاب.
وأضاف: “وصم معارضي النظام بالإرهابيين، والدفاع في الوقت ذاته عن حماس، يُعدّ موقفاً أخلاقياً شائناً لا يمكن القبول به”.
كما شدد على أن استمرار سجن شخصيات مثل صلاح الدين دميرطاش وعثمان كافالا يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والمعايير القانونية الدولية.
إمام أوغلو في المشهد: المعارضة تحت التهديد
ناقشت الجلسة كذلك محاولة إقصاء أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، من خلال قضايا قانونية متصاعدة. واعتبر الحضور أن ذلك يمثل محاولة مباشرة لإبعاد أبرز منافسي أردوغان في الانتخابات المقبلة.
المطالب الموجهة للكونغرس الأمريكي
الشهود قدّموا سلسلة مقترحات عملية للرد على ما اعتبروه قمعاً منهجياً في تركيا تضمنت ما يلي:
- اشتراط المعايير الحقوقية في العلاقات الأمريكية–التركية.
- فرض عقوبات على المسؤولين الأتراك بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي.
- إقرار وتطبيق قانون مكافحة القمع العابر للحدود.
- وضع تركيا تحت “المراقبة الخاصة” بسبب انتهاك الحريات الدينية.
- حماية محتوى المعارضين رقمياً على المنصات العالمية.
- ترديد أسماء المعتقلين السياسيين في المحافل الأمريكية لإبقاء قضاياهم حيّة.

