أصدرت المحكمة الدستورية التركية حكماً تاريخياً يلغي نصاً قانونياً كان يمنع الموظفين العموميين، الذين فُصلوا بموجب مراسيم حالة الطوارئ عقب محاولة الانقلاب المثيرة للجدل في يوليو 2016 ثم أعيدوا لاحقاً إلى وظائفهم، من المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.
القرار قد يمهد الطريق لآلاف المتضررين لرفع دعاوى تعويض، ويعيد تسليط الضوء على إرث المراسيم الاستثنائية التي صدرت خلال فترة الطوارئ.
خلفية القضية: فصل جماعي بلا أحكام قضائية فردية
أعلنت السلطات التركية حالة الطوارئ في أعقاب محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، بدعوى التصدي للانقلابيين المزعومين، واستمرت لعامين حتى يوليو 2018.
استخدمت المراسيم الحكومية لإصدار قرارات فصل جماعي طالت أكثر من 125 ألف موظف حكومي، بتهم الانتماء أو الارتباط بجماعات محظورة، دون إصدار أحكام قضائية فردية، ونص قانون 2018 على منع الموظفين الذين أعيدوا بمرسوم لاحق من المطالبة بأي تعويض.
القضية التي فجرت القرار
محكمة أنقرة الإدارية الـ22 نظرت في دعوى رفعها موظف أعيد إلى عمله بعد فصله، وطالب بتعويض معنوي، لتحيل المحكمة المادة محل النزاع إلى المحكمة الدستورية، معتبرة أنها قد تتعارض مع الدستور.
حيثيات الحكم الدستوري
أفادت المحكمة الدستورية في قرارها أن المادة 40 من الدستور تكفل حق الأفراد في اللجوء إلى القضاء وطلب التعويض عن انتهاك الحقوق والحريات، مؤكدة أن إعادة الموظف إلى عمله تعني أن السلطات أقرت بغياب الأدلة على جرائمه المزعومة، ما يشكل اعترافاً ضمنياً بعدم قانونية فصله.
الأبعاد القانونية والمالية
يذكر أن الدولة ملزمة بدفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن القرارات الإدارية الخاطئة، مع احتفاظها بحق استرداد المبالغ من المسؤولين عن اتخاذ تلك القرارات، علما أن حكم المحكمة الدستورية تفتح الباب أمام دعاوى تعويض جديدة من موظفين سبق إعادتهم، سواء كانت قضاياهم منظورة حالياً أو لم تُرفع بعد.
التطورات السياقية الأخيرة
رغم انتهاء حالة الطوارئ رسمياً في 2018، ما زال آلاف الضحايا المفصولين يطالبون بالعودة إلى أعمالهم أو الحصول على تعويضات.
ورحب محامون ومنظمات حقوقية بالقرار الأخير، واعتبروه خطوة نحو جبر الضرر ورد الاعتبار للمظلومين، ومن المنتظر أن تشهد المحاكم الإدارية موجة جديدة من الدعاوى، وسط مخاوف حكومية من أعباء مالية كبيرة على الخزانة العامة.

